اخترنا لكنون لايت

لأول مرة.. إطلالة على ما يجرى في كواليس عمل محققي التراث 

على ضفاف الشعر والموسيقى وصوت الفنان الواعد محمد شريف المذهل، جرت وقائع وأعمال ملتقى الشربيني الثقافي، الذي عقد جلسته الأولى بعد اعتكاف وصوم عن مواصلة فعالياته خلال شهر رمضان المعظم. كانت واحدة من أهم وأنجح فعاليات الملتقى منذ تأسس في أكتوبر الماضي، بشعاره الشهير: «شمعة تقاوم العتمة»، حيث دارت وقائع معركة فكرية ساخنة على هامش قضية تحقيق وتدقيق التراث (فصيحة وعامية).  مثل جانب اللغة الفصحي  الشاعر والمحقق محمد فوزي حمزة، فيما مثل جانب اللغة العامية الشاعر والناقد والأثري محمد علي عزب.

وفي تقديمه لضيفيه أعرب الكاتب والصحفي محمود الشربيني مؤسس الملتقى عن سعادته بأن يطل أقطاب ورموز الملتقى الكتاب والشعراء والنقاد محمد جاد هزاع و مسعود شومان  ومحمد عبدالباسط عيد (وغاب لظروف قاهره د. محمد السيد إسماعيل والكاتب الصحفي مجدي صالح والشاعران أحمد نصر وشوقي نسيم) وكل رواد الملتقى، لأول مرة وعن قرب على طرق تحقيق التراث وأدواتها وأساليبها وصعوباتها، من خلال تجربتي «حمزة» و«عزب».

وقال الشربيني إنه تعرف على حمزة في شبابه عندما كان يدرس في المرحلة الثانوية، حيث لبى دعوته للمشاركة والكتابة -وحتي التوزيع اليدوي – في مجلة أصدرها  بماله الخاص باسم «الرسالة»، لتصدر من قرية طحانوب …طبعت المجلة بالاستنيسل، وبذل كلاهما جهدًا ضخمًا لتصل المطبوعة إلى الناس. وذات عدد أستدعي «محمد فوزي  إلى جهاز أمن الدولة (بتعبير ذلك الزمان) ليسأل عددًا من الأسئلة، وبلباقته المعهودة أراد أن يصدر العدد الجديد متوازنا، من دون أن تؤخذ عليه  منافقة السادات أو معارضته، فكتب يقول: «في عهد الرئيس الكريم محمد أنور السادات…..»! وكان اختياره للصفه التي ألصقها باسم الرئيس كاشفا تماما ..فأي كرم عند السادات، وأي علاقة للصحافة بصفة الكرم!

وقائع معركة فكرية بين الفصحى والعامية.. يفجرها ملتقى الشربيني الثقافي

التراث التراث

-ثم  دعا «الشربيني» الكاتب الصحفي محمد جاد هزاع للحديث عن محمد فوزي حمزة، فكونهما من قرية واحدة (حمزة من مواليد طحانوب عام 1947) جعله يطل على أفكاره وكتاباته  منذ وقت بعيد، وخاصة على صعيد (التدقيق وتحقيق كتب التراث) فقال وإنه تابع ما يكتبه وما يبذله من جهد مقدر ومحترم على هذا الصعيد، وأنه يحتل مكانة مرموقة بين المحققين ، لدأبه الشديد ورصانة كتاباته ودقته الشديدة في العمل، منوها بانه اكتشف لديه هذه القيمة منذ أن قرأ له كتاباه  الأولان وهما: اليهود والقرابين البشرية وعبد الله أبو النبي. وكان الشربيني قد أشار إلى هذا الكتاب في كلمته  كأول مطبوع تناول بشمول حياة والد النبي محمد، والذي يسوق من الأدلة والبراهين ما يؤكد  أن والد النبي – المتوفي قبل البعثة- لم يمت كافرًا، فقد أفرد لذلك فصلا بعنوان «هو في الجنه  وإليك الدليل».. وهو ما أثار جدلا واسعًا ولا يزال.

تحقيق تراث الفصحي

– وتحدث الشاعر والمدقق محمد فوزي حمزة عن أعماله، عبر الحوار الذي جري بينه وبين الكاتب محمود الشربيني خلال الندوة، فذكر أن علاقته بالأدب بدأت مبكرًا جداً ،فأشار إلي أنه كثيرا ما استمع لوالده- وهو في الرابعة الابتدائية -يردد أبياتًا معينة  من الشعر، وجدها فيما بعد تلح عليه ومن هنا حاول تعقبها وردها  إلى أصلها ومعرفة معانيها وتصحيح وتفسير واستكمال أبياتها. فيما بعد قادته هذه المحاولة ، وبينما هو  يعمل في مجال آخر- وهو قطاع البنوك – إلى تدقيق الكتب التراثية وتحقيقها.

-وذكر أن أول كتاب قام بتحقيقه تناول حادثة «فطيرة الدم» التي ارتكبها اليهود في مصر، وصدر الكتاب سنة 1980 تقريبًا، بعنوان «اليهود والقرابين البشرية» ثم انتقل إلى كتب الأدب، والتي صدرت جميعها عن مكتبة  الآداب.

التراث التراث التراث

محمد فوزي حمزة: اتحاد الكتاب يتقاضى نسبة ضخمة من أسعار الأغلفة بما يهدد استمرار جهود المحققين

– فيقول حمزة: بعد ذلك انتقلت لناحية تأليف الشعر ولي ديوان صدر منه جزآن، أما قائمة الكتب المدققة – وأنا أفضل استخدام كلمة التدقيق عن التحقيق رغم أنني أقول بكل عمل المحقق – فهي طويلة وتربو على الـ22 كتابا ما بين تحقيق وتدقيق وتأليف وشرح دواوين، أهمها ما يلي: كتاب سيبويه الكامل في اللغة والأدب. شرح الزوزني للمعلقات. القصائد العشر. شرح القصائد الثلاث .دواوين الشعراء العشرة. ديوان الأصمعيات.ديوان الحماسة. الشوقيات. ديوان حافظ. ديوان البارودي. دول العرب وعظماء الإسلام. شرح قصيدة كشف الغمة للبارودي. ديوان الأعشى الكبير.

مجموع أشعار الصعاليك في العصر الجاهلي. ديوان الشاعرات الجاهليات. الزهد والنساكة في شعر أبي نواس.

-وأضاف: أقوم بكل ما يقوم به المحقق، من تدقيق وتفسير ما ألغز وشرح وذكر الروايات الأخرى، والبحث فيها حتى أجد «الشاهد» وهذا هو المهم ،وغالبا وبنسبة كبيرة أصل إلي هذا «الشاهد» في الرواية.

-وأشار «حمزة» إلى أن أنجح كتبه توزيعا -وليس مالًا- هو كتاب المعلقات، فقد طبع منه 9 طبعات. ذلك أن طلبة الجامعات يحتاجونه في دراساتهم، والحقيقة أن كل كتبي تجد طريقها إلي طلبة الجامعات..مثل طلاب كليات اللغة العربية ودار العلوم

وذكر واقعة طريفة أنه بينما كان في المعرض ذات مرة حضرت إلي الدار مجموعة من الطالبات يسألن عن الكتاب ثم اشتريناه ، ولما عرفت الفتيات بوجودي طلبن توقيعي علي الكتاب وبعد ذلك انسحبت  إحداهن من لسانها وقالت :يعني كان لازم تألف ..عشان احنا نذاكر!

– كما تحدث عن الصعوبات التي تواجه المحققين فقال أنها كثيرة جدًا، على رأسها رداءة خطوط النساخ ،وعيوب التخزين التي تؤثر على جودة الصور، وإن كان ممكنا التغلب عليها من مطابقة المخطوطات والوصول إلي ما جري طمسه، ثم معاناة الوصول إلي المخطوط نفسه، بين آلاف المخطوطات، والأصعب أن  تظهر لك مخطوطة مخبوءة، بينما  توشك على إنهاء العمل فتتكبد معاناة البدء من جديد.!

اتحاد الكتاب.. يعيق الكتاب

– ثمة معوق آخر هذه المرة ، وهو العائد المادي الضئيل للمحققين والذي لا يتوازى مع  جهد عمره سنين ،و الأنكى أن اتحاد الكتاب وبكل أسف استخرج من الأدراج قانونا قديما يقضي بأن يحصل الاتحاد على نسبة 5% من سعر الغلاف!هذا لا يتيح للمحقق أن  يحصل علي شيء لأن الـ5% التي يحصل عليها لا تعتبر شيئا مقابل ما أنفقه من مال في شراء المراجع مثلا، وفضلا عن ذلك أيضًا فالاتحاد يخصم نسبته بأثر رجعي، وهنا أجد لزاما على إن أحيي مكتبة الآداب لأنهم يدفعون عني نسبة 1% من النسبة التي يفرضها الاتحاد ، وهذا لكونهم أصحاب رسالة، ويضحون تضحية كبرى. واستطرد: ما يفعله الاتحاد يؤثر على مهنة التحقيق، ومن هنا وجبت دعوتي لهم  للعدول عن هذه النسبة الضخمة.

-حاليا يستعد محمد فوزي حمزة لإصدار الطبعة الرابعة من كتاب سيبويه، والذي استغرق عمله فيه لنحو 10سنوات. وقال لي كنت شرعت في تحقيق المفضليات ولكني أوقفت العمل فيها لحين  الانتهاء من إعادة قراءة سيبويه تمهيدا لإصداره مجددا.

-ما الذي أضافته لك هذه المهنة الصعبة؟

-أكسبتني خبرات مذهلة وذخيرة معرفية وثقافية لم يكن تحصيلها ممكنا، لان الشرح والتحقيق وترجيح الروايات علي بعضها وحتى التخمين «وهو تخمين يقوم على أصول وقواعد وليس تخمينا والسلام» ولذلك أنا ممتن كثيرا لهذه الأعمال التي حققتها ، ولأصحابها الذين منحوني هذه الذخيرة التي أعانتني في تأليف الشعر وغيره من فنون الأدب.

تحقيق تراث العامية

وكان الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة  قال في كلمة له  في مستهل تقديمه للشاعر محمد علي عزب: يمثل تحقيق تراث الشعر العامي مشكلة كبيرة في تحقيق التراث بشكل عام، فإذا كانت الفصحي لها قواعدها ولها اجروميتها فإن العامية تواجه مجموعة من الصعوبات الكبيرة التي تقف حائلا دون الولوج إلي هذا الباب المهم ، وإذا نظرنا إلي قضية التحقيق بشكل عام سنجد بعدا عن التحقيق بالفصحى أو بالعامية ،فما بالنا بمن يتصدى لتحقيق التراث العامي و الشعبي، خاصة ما يتعلق بالسير والفنون التي كانوا يطلقون عليها الفنون المعربة أو غير المعربة أوالملحونة التي قال عنها صفي الدين الحلي :حلال الإعراب بها حرام/وصحة اللفظ بها سقام /يزداد حسنها إذا زادت خلاعة/وتضعف صنعتها  إذا أودعت من النحو صناعة

مسعود شومان: هناك تراث عظيم للعامية العربية والعامية المصرية لم تمتد إليه أيدي المحققين

وقد رصد الحلي في كتابه العطر الحالي والمرخص الغالي الفنون السبعة ومنها الزجل والقومه والكان وكان والمواليه بالإضافة إلى الشعر الفصيح .أنا أتصور أن هناك تراثا عظيما للعامية العربية والعامية المصرية، أو الكتب التي تناولت التراث الشعبي حتى لدى جماعتنا الشعبية في الوطن العربي، لم تصل إليها أيادي المحققين لصعوبات خاصة بالتدوين وحتي الطبع والنشر لهذه الكتب بعد الانتهاء منها، وبحقوق المؤلفين لذا فإن تصدي ملتقى الشربيني الثقافي لمناقشة هذه القضية كان شيئا مهما جدًا، خاصة أن يدعو واحدا من أهم المحققين في الشعر الفصيح وهو الشاعر محمد فوزي حمزة، وواحدا من اهم نقاد الشعر العامي ومحققيه وهو الشاعر محمد على عزب، الذي يحاول أن يخترق هذا الباب العصي وهو الكتابات التي تناولت شعر العامية سواء كان درسا أو نصوصا .

*من جهته تحدث الشاعر والناقد محمد علي عزب عن تجربته في تحقيق تراث الشعر العامي والصعوبات التي تواجه محقق هذا الفن أثناء عمله ، وبحثه بين المصادر القديمة والحديثة، والالتزام بالمنهج العلمي للمشتغلين  بالتحقيق وأشار عزب إلي ان تراث الشعر العامي يعاني من التهميش ، ونوه بأن تركيز محققي وباحثي التراث ينصب على تراث شعر الفصحى، مما يجعل معرفتنا بتراثنا منقوصة.. بسبب هذه النظرة الانتقائية .

وأشار إلى أن العرب منذ القرن السادس الهجري ابتكروا تعبير و مسمى «الفنون السبع الأدبية» وبينها أنواع  مختلفه للعامية،ما يعني أنهم اعتبروا أن الشعر العامي جزءا مهما من الإبداع الشعري العربي، ولم يكن لديهم الهاجس الذي يسيطر على من ينصبون أنفسهم حماة للغة العربية اليوم، وهذا الهاجس هو خطورة العامية على الفصحى.

محمد علي عزب: حماة اللغة العربية توهموا خطورة العامية على الفصحى

وأضاف: هذا الهاجس لم يكن له محل من الإعراب عندهم فهي موجودة فالعامية موجودة جنبا إلي جنب مع الفصحى منذ اثني عشر قرنا ولم تؤثر عليها، فالمجمع اللغوي اتفق منذ قرون على أن هناك لغة فصيحة رسمية واحدة. ولغة عامية دارجة مشتقة من الفصحي، ولكل منهما دور في المجتمع والآداب والفنون، فلا صراع بينهما ولا خطورة من العامية على الفصحي، إنما هو صراع ابتكره بعض الباحثين المحدثين دون أن يعودوا إلى الترا، ليروا أن القدماء لم يكن لديهم هذا الهاجس .فمثلا العلامة العربي بن خلدون يتحدث في مقدمته الشهيرة عن فنون الشعر العامي في عصره.

وتجد ابن إياس المؤرخ في موسوعة بدائع الزهور يستشهد بازجال للزجال خلف الغباري وإبراهيم المعمار في سرده للأحداث التاريخية ولو ان الشعر العامي فيه خطورة على الفصحي ما فعل ابن خلدون وإبن إياس وغيرهما ذلك، ولكن القدماء كانوا ينظرون للشعر العامي على انه فن أدبي مثله مثل الشعر الفصيح وأنه يستحق كل التقدير.. وأن الشعر العربي ينقسم إلى شعر فصيح معرب  وشعر عامي غير معرب وكلاهما يعبر عن الوجدان المصري والعربي.

-نفحات من الشعر

-طعمت جلسة الملتقي بالأشعار، استهلها محمد فوزه حمزه بإلقاء بعض أشعاره، ثم الشاعر الكبير مسعود شومان، ثم الشاعرة آمال ناجي التي ألقت قصيدتين الأولي بعنوان عزف الكمان وتقول في مطلعها:

أنا من لا تبصرها إن أنت نظرت إلي الأشياء

من تبحث عنها بين خيالاتك كل مساء

بعيون تسخر أشعارك

بدلال يتقن كل فنون العشق السابح في الأجواء

والثانية هي خليل القلب. وألقى الشاعر صابر قدح رباعيتين كتبهما خصيصا للاحتفاء بملتقى الشربيني الثقافي ودوره كـ«شمعة تقاوم العتمة».

فى أحلك الليالى بيولع شمعة

ويمحى م القلوب مليون دمعة

جراح وشاطر وفي الفن مزاج

ملتقى الشربيني بيقاوم العتمة

كمان

شوف الجمال  والجلال بيغرينى

ورود ورياحين بتملا بساتينى

كل أزهار  الشعر  والأدب والفن

تلاقيها فى ملتقى الشربينى

-كما اقرأ قدح على رواد الملتقي قصة قصيرة بعنوان لن أبيع لاقت استحسان جميع الحضور .

-الفنان والمطرب محمد شريف والذي كان بحق نجما من نجوم الأمسية لكونه قدم فنا أصيلا جميلاً مزج فيه العربي بالغربي .. والإيطالي بالمصري فمزج بين بوتشيللي( Fall  on me )ومحمد قنديل تلات سلامات وأطلق على هذا المزج اسم «وبحلم» وقال إن فكرة المزج لم تأت صدفة، ولكن نتجت عن تكامل وتناسق لمسه وشعر به واكتشف وجوده بين الأغنيتين وكذلك السياق الموسيقي

أخبار ذات صلة:

  1. الشيطان وتجديد الفكر الديني على مائدة النقاش في ملتقى الشربيني الثقافي

  2. أسئلة آنية مشروعة يطرحها ملتقى الشربيني الثقافي: الدين والشعر.. حوار أم  مواجهه؟ 

  3. ليلة شعرية لحسن طلب تدفيء شتاء القاهرة بأنغام وذكريات ينايرية في ملتقى الشربيني

وعن مجريات الندوة وصفها شريف بالرائعة فقد استرعى انتباهي تلك الشمولية التي أظلت كل جوانبها.. أولا شغل الحديث عن الإبداع أغلب الحاضرين. ولذلك فقد تطرق ذلك لموضوعات. مثل التراث و كيفية الحفاظ عليه. ومدى التقبل لإجراء التطوير عليه. ثم سار الحديث تجاه الهوية تلك الكلمة التي لا تخفى أهميتها فهناك بالطبع الهوية التاريخية والثقافية والاجتماعية… إلخ… وقد تطرق الحوار لذلك بشكل عميق متسق لا يترك شاردة أو واردة…أيضا التدقيق و التحقيق بالنسبة للإبداع الأدبي سواء على مستوى مصر أو على المستوى العربي ..أما عن الشعر فقد كان له نصيب كبير خلال الندوة أو كان بمثابة الفارس النبيل بيننا. الحوار بين أعضاء الندوة لحد بعيد كان موسوعيا جدا. بما كان فيه من العمق العقلي واختلاف كل طرح والشكل الإنساني الجميل. الذي غلف هذا الوقت الرائع. حقا إنه منتدى بمثابة شمعة تقاوم الظلام.

المعركة المحسومة

أما الدرعمي بهاء أحمد فقال ؛ في ملتقى  الشربيني -الذي يمثل تلبية صادقة لدعوة الدولة المصرية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي ببناء الشخصية المصرية – التقيت بجمع  من الكتاب والمحققين. ولاحت لي في المداخلات والكلمات  القضية القديمة الجديدة. والتي أرى عنوانها الانتصار للغة للعامية ولعل الدافع الخفي الحقيقي وراء إثارتها هو الانتصار للناتج الأدبي العامي. فكتاب الشعر الحر يسعون جاهدين  لترويجه ونشره حتى يحظى بالقبول بين عامة القراء. وهكذا رأينا أصحاب هذا الاتجاه يولون قبلتهم نحو الانتصار للغة العامية. ويرون أنها قد ظلمت وانتهرت وتعرضت للتطهير اللغوي من أجل اللغة الفصحى ويتخذون حصن الدفاع عن العامية ساترا عن الدفاع لعمله الأدبي ويلجأون لاختلاق صراع بين الفصحى والعامية.

وأقول «إن أول من ظلم العامية وحكم عليها بالإهمال في التدوين هم أنصار العامية أنفسهم ذلك أنهم وضعوها في مقارنة مع اللغة العربية الفصيحة. واختلقوا صراعا بينهما. فكانت النتيجة المحسومة للفصحى على حساب العامية في التدوين وغيره. ومرد ذلك لصلابة الفصحى ومتانتها وقوتها من حيث الكم والكيف».

نون وكالات

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة  الأخبار أهم العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى