- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: إجابات علامات الاستفهام بين القاهرة وأبوظبي

في كل محطة من محطات التحول الإقليمي، تبرز العلاقات المصرية الإماراتية كحائط صدّ للأزمات، وجسر عبور إلى التوازن.

تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة الإمارات، اليوم، ولقاء صاب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، ضمن سياق عربي ودولي بالغ التعقيد، وتعيد التأكيد على أن الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وأبو ظبي ليست علاقة ظرف، بل تحالف رؤية ومصير.

منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها الرئيس السيسي مقاليد الحكم، كانت الإمارات إلى جانب مصر، سياسيًا واقتصاديًا وشعبيًا، ليس فقط بالدعم المباشر، بل بالفهم العميق لأهمية استقرار مصر كعمود فقري للمنطقة، وقلب نابض للعالم العربي.

والإمارات بدورها لم تتردد يومًا في أن تكون الحليف الأقرب الذي يدرك أن استقرار القاهرة يعني أمنًا للخليج، تمامًا كما أن أمن الخليج هو من ثوابت السياسة المصرية.

زيارة الرئيس السيسي للإمارات ليست مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل تأتي في توقيت حساس تتشابك فيه الملفات: من تطورات الملف الفلسطيني، إلى إعادة التموضع الإقليمي في ظل التغيرات الدولية، والتحديات الاقتصادية التي تواجه دول المنطقة. وهذا ما يجعل اللقاء بين قيادتي البلدين أكثر من مجاملة سياسية، بل تنسيق مباشر حول كيفية مواجهة تلك التحولات بروح عربية موحدة.

ما يميز العلاقات المصرية الإماراتية هو أنها تتجاوز البُعد الثنائي إلى بعد أوسع: رؤية مشتركة لاستقرار المنطقة تقوم على ثلاثة مرتكزات — دعم الدول الوطنية ومؤسساتها، رفض التدخلات الخارجية، والبحث عن حلول تنموية تتجاوز الشعارات إلى نتائج ملموسة.

وقد أثبتت السنوات الماضية أن هذا التحالف لا يُبنى على الأهواء، بل على المصالح المشتركة والشعور الصادق بالمسؤولية القومية.

المصريون يحتفظون بذاكرة حيّة للدور الإماراتي، قيادة وشعبًا، في اللحظات الصعبة التي مرت بها مصر، وفي المقابل ترى الإمارات في مصر ركيزة توازن وحكمة في إقليم كثير التقلّب.

لا عجب إذًا أن العلاقة بين البلدين تستند إلى الثقة المتبادلة والقرار السيادي المستقل، دون وصاية أو ابتزاز، وهي سمة نادرة في علاقات اليوم.

ولعل أبرز ما يمكن استنتاجه من هذه الزيارة هو أن القاهرة وأبو ظبي ترسلان رسالة واضحة: أن الأمن القومي العربي ليس مساحة للتفاوض أو التساهل، وأنه لا بديل عن العمل الجماعي لصدّ أية محاولات تستهدف تفتيت المنطقة أو استنزاف طاقاتها.

تبقى الإمارات بالنسبة للمصريين أكثر من دولة شقيقة، إنها نموذج للعقلانية السياسية والنجاح الاقتصادي، وصديق يُراهن عليه في زمن التغيرات. أما مصر، فتظل في وجدان الإمارات ركيزة التاريخ والحضارة، ومفتاحًا لا غنى عنه في معادلة استقرار الشرق الأوسط.

ولعلّ ما نأمله جميعًا هو أن تكون هذه الزيارة بداية حقيقية لجمع الشمل العربي، وإحياء روح التضامن الفاعل، لمواجهة التحديات الصعبة التي باتت تهدد استقرار المنطقة ومصير شعوبها.

العالم العربي، برغم ما يمرّ به من أزمات، لا يزال يملك في وحدته ورؤاه المتكاملة مفتاح النهوض من جديد، ومصر والإمارات – بتحالفهما المتين -تقدمان نموذجًا لما يمكن أن يكون عليه المستقبل حين تتقدم الحكمة على الفوضى، والتكامل على الصراع.

samyalez@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى