نون والقلم

كرم مطاوع يكتب: هيستيريا  

ورد في كتب التراث أن رجلا فاضلا ومرموقا وصاحب علم ومكانة وثراء كان إذا حضر مجلس الخليفة أجلسه الأخير إلي جواره تكريما له وتعزيزا لمكانته.

وذات مرة وهو يجلس إلي جوار صاحب القوة والعزة والسلطان وإذا برجل من عامة الناس ينهض مخاطبا الخليفة في شأن الرجل الذي يجلس إلي جواره زاعما أنه سلب منه ضيعته، وعلي الفور حسم الخليفة الأمر وأصدر أمره إلي الرجل الذي أكرمه وأعزه وأجلسه إلي جواره بأن ينزل ويجلس إلي جوار من ادعي عليه حتى يقضي بينهما، إلا أن الرجل الفاضل المرموق ذو المكانة والشأن حسم الأمر علي طريقته وقال مخاطبا الخليفة:  أعزك الله يا أمير المؤمنين، إذا كانت الضيعة لهذا الرجل كما يدعي فهي له وقد عاد إليه حقه، وإذا كانت لي فقد تنازلت له عنها ولا أترك مكاني الذي أكرمتني بالجلوس فيه .

عندما تأملت هذه الحكاية وجدت فيها الكثير من الأمور التي تستحق المناقشة، وفي طليعة تلك الأمور قضية العدالة، فإقامة العدل بين الناس أساسها المساواة بينهم، حيث يتساوي الجالس إلي جوار الخليفة مع أي عابر سبيل .. وهنا يحضرني ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه ( راعوني بأبصاركم فإن استقمت فأعينوني وان زغتت فقوموني وان أطعت الله فأطيعوني، وان عصيت الله فاعصوني).

هذا هو ميثاق أبو بكر الصديق وبيانه إلي الأمة، فهل هناك أكثر من ذلك احتراما لإرادة الناس وحريتهم وحقهم .

فأين نحن من هؤلاء، في هذا الزمن السيئ الذي عم فيه الفساد، وأصبحت سلعته الأساسية هي البيع والشراء فغاب العدل !!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى