5 سنوات تعيد ثورات الربيع العربي
بعد مرور خمسة أعوام على اندلاع الربيع العربي ، لم تتمكن قوى الشد العكسي والقوى المضادة التغيير لذا فهل ستكون 2016 عودة الى الوراء 2011
ما زال المشهد السياسي في الدول يشهد تحولات وتغيرات تريد العودة للخلف او الى ثورات جديدة، رغم إدخال البلاد في كل من ليبيا واليمن وسوريا في حروب أهلية، وإضعاف التحولات السياسية في تونس وإبطائها، ولذلك فقد تكاثر اللاعبون الإقليميون والدوليون من ذوي المصالح في كل هذه البلاد حيث الفوضى وأعمال العنف والإرهاب وعدم الاستقرار .
“التحولات النوعية التي تشهدها دول الربيع، خاصة في سوريا واليمن، تعطي مؤشرات جديدة على اتجاهات التحول المحتملة في مسار الربيع العربي، كما تخلق هذه التحولات حالة من الترقب وإعادة النظر في مواقف وسياسات بنيت سابقا على أساس مواجهة تيار الإسلام السياسي”
وفي المقابل استمرت حالة الاستقرار السياسي والأمني في كل من الأردن والمغرب اللذين شهدا عمليات إصلاح سياسي غير مكتملة نحو الديمقراطية، لكنها وجدت قبولا مرحليا من عموم المجتمع، رغم محاولات إدخالها في منظومة الفوضى من قبل أطراف متطرفة ومن بعض الدول ذات المصلحة في ذلك، غير أنها كرست ثقافة الإصلاح السياسي بديلا للعنف والفوضى والثورة في لحظة التقاء سياسي بين أنظمة الحكم والقوى السياسية المعارضة، مع استمرار التباين والاختلاف بينها إزاء العديد من السياسات الداخلية والخارجية.
و يمكن ان نري هذا واضحا فى تونس حيث عودة المطالب بثورة جديدة تطيح بكل ما بنى فى 5 سنوات.
تحولات مرتقبة
– تنامي الأزمة في العلاقات الدولية، وتبلورها على شكل تحركات وحشودات عسكرية لم تشهد المنطقة مثلها منذ عقود، مما يهدد كيانات دول إقليمية ومصالحها، ويدفعها للعودة إلى سياسة المحاور القديمة إبان الحرب الباردة، ويلقي بظلال التخوفات من أي مواجهات عسكرية محتملة حتى لو كانت محدودة، الأمر الذي قد يدخل المنطقة لأول مرة في مقدمات صراع دولي عسكري مباشر، وهو ما تسارع مختلف الأطراف إلى بذل الجهود لمحاولة تجنبه.
“مع التحولات الجارية هناك حالة من تنامي الأزمة في العلاقات الدولية، وتبلورها على شكل تحركات وحشودات عسكرية لم تشهد المنطقة مثلها منذ عقود، مما يهدد كيانات دول إقليمية ومصالحها، ويدفعها للعودة إلى سياسة المحاور القديمة إبان الحرب الباردة”
ومن شأن هذا أن يجعل من السعي الدولي والإقليمي لحلول سياسية للأزمات القائمة، ولاستعادة الاستقرار واستئناف عمليات الإصلاح والتغيير السياسي بتنازلات متبادلة من مختلف الأطراف، أساسا لسياسات دولية وإقليمية جديدة في المنطقة، تهدف إلى منع اندلاع أي مواجهات إقليمية أو دولية مسلحة فيها، ولاحتواء ظاهرة التطرف والإرهاب والعنف في وقت واحد.
– فشل الحملة الدولية لمحاربة تنظيم الدولة ( داعش)، وتزايد الشكوك السياسية والأمنية حول جدية هذه السياسات وأهدافها أصلا، بينما رفع ذلك من منسوب عدم الثقة في هذه الدول من جهة، وزاد من حدة الفوضى في المنطقة من جهة أخرى، وجعل من داعش علامة “تجارية” للمتاجرين بالإرهاب تنفيذا واستغلالا، يستخدمها من شاء في أي وقت وأي مكان لتحقيق أهدافه الخاصة، الأمر الذي تسبب في تضخيم حقيقة الظاهرة، وزاد من صعوبات القدرة على إنهائها.
عودة الربيع
ولذلك فإن الشرق الأوسط بعمومه مقبل على تحولات سياسية كبيرة خلال العام 2016، أساسها إعادة الاستقرار واستئناف عمليات الإصلاح السياسي، وقيادة مصالحات وطنية وإقليمية واسعة، ستقود إلى استئناف عملية الربيع العربي لدورها، ولكن بمعادلات جديدة، لاستكمال بقية الأهداف التي من أجلها اندلعت، خاصة ما يتعلق منها ببناء أنظمة سياسية توفر أجواء أفضل للحريات العامة.
هذا فضلا عن اختيار حكومات تتمتع بالشرعية الشعبية وخاصة في دول الربيع الخمس، وتحقيق الشراكة الوطنية في نقل البلاد من حالة الصدام والتنازع إلى تحمل المسؤولية في تحقيق الديمقراطية والتنمية وحماية الحريات العامة، وقيادة مصالحات تاريخية تقوم على التنازل لشريك الوطن بديلا عن الرهان على قوى المجتمع الدولي، حيث يتوقع أن يكون لتيار الإسلام السياسي دور أساسي وحاسم في إنجاح هذه التجربة مستندا إلى تجربته الصعبة في سنوات الربيع الأولى ودروسها القاسية!
بالتأكيد إن هذه عملية معقدة كما تُظهر الأسئلة وأطرافها، ولكنها ربما تبدأ بحل الأزمة في اليمن أو سوريا أو ليبيا أو مصر أو كلها معا، لكنها أصبحت اليوم أقرب إلى الواقعية مما كانت عليه قبل عامين في ظل التحولات الأربعة الآنفة الذكر، والتي أكدت أن كل الأطراف تعيش حالة أزمة واستنزاف، وأنها كلها تبحث عن مخرج في السر والعلن، وأنها كلها أدركت أن الخروج من حالة الفوضى والمخاطر إلى الاستقرار والتعاون والشراكة على كل المستويات سيحقق كثيرا من مصالحها وإن لم يكن كلها، ولكن بكلفة أقل، وبنسبة استقرار أعلى، ولفترة أطول.