نون لايت

نهيان بن مبارك يفتتح معرض «الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة»

للدائرة معانٍ مختلفة ولا يمكن حصرها بأنها شكل هندسي، فهي تظهر حولنا في الطبيعة والسماء، كما تأخذ في الكثير من الأحيان عدداً من المعاني الفلسفية والفكرية، وكل هذه أفكار متنوعة سترافق أفكار المتجول في معرض «الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة» الذي افتتحه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، مساء الأربعاء الماضي، بحضور معالي الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، ومعالي نورة بنت محمد الكعبي ومعالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير الدولة بوزارة الخارجية، وجيه سونغ يو، سفير جمهورية كوريا لدى الدولة، وتشاي سوك ما، نائبة عمدة الشؤون الثقافية بحكومة مدينة سيول، ورزان خليفة المبارك، العضو المنتدب لهيئة البيئة – أبوظبي، وبدر جعفر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للأعمال والأعمال الخيرية، والدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، والشيخة نور فاهم القاسمي، عضو مجلس أمناء مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ومحمد عبد اللطيف كانو، عضو مجلس مستشاري المجموعة، وعدد من كبار الشخصيات ونخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والفني.

روائع الفن الحديث:

يُعد هذا المعرض هو الأول في الشرق الأوسط لفن الوسائط المتعددة الكوري المعاصر، ويقام برعاية فخرية من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الراعي الفخري المؤسس لمهرجان أبوظبي، وبرعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، في خطوة غير مسبوقة تجسّد شراكة ثقافية استراتيجية مستدامة بين مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومتحف سيول للفنون.

وخلال افتتاحه المعرض قال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش: “يأتي تنظيم هذا المعرض في أبوظبي تأكيداً على عمق العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية، وتجسيداً لرؤية قيادتنا الحكيمة في تعزيز القوة الناعمة وجهود الدبلوماسية الثقافية، وترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة عالمية رائدة للحوار الحضاري وتبادل الخبرات والمعرفة، من خلال بناء الشراكات وتوقيع مذكرات التفاهم مع كبريات المؤسسات الثقافية العالمية، وإطلاق المبادرات المبتكرة في الموسيقى وفنون الأداء والفنون التشكيلية”.

وأضاف معاليه: “مع 48 عملاً فنياً متميزاً لروّاد فن الوسائط في كوريا الجنوبية، وبرنامج مجتمعي تفاعلي مفتوح للجميع، يتيح تنظيم المعرض الأول في منطقة الشرق الأوسط لمقتنيات متحف سيول للفنون بمنارة السعديات في أبوظبي، وهو فرصة استثنائية لتعريف الجمهور المحلي والإقليمي بروائع الفن الحديث، عبر مسيرة تاريخية ثرية تمتد من ستينات القرن الماضي وحتى اليوم، وما تحمله هذه الأعمال من تقارب إنساني وحضاري عميق، وتفاعل ثقافي يثير نقاشاتٍ حيوية حول الهوية والمجتمع، ودور التكنولوجيا المتزايد في تشكيل حياة الإنسان المعاصر. وتأتي هذه المبادرة استمراراً لالتزامنا الراسخ بتعزيز الوعي الثقافي والفني لدى المجتمع، وترسيخ قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الثقافات العالمية، سعياً نحو مستقبل أكثر إبداعاً وتنوعاً وثراءً”.

لقاء فكر وابتكار:

من جهتها أشارت هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، إلى “أنّ إقامة معرض متحف سيول للفنون لأول مرة في الشرق الأوسط، هو الدليل على أنّ الثقافة تكمل مسار الدبلوماسية، تفتح الأبواب، تتجاوز كلَّ الحدود، تصل كما الأنشودة والقصيدة. بعناقِ القيم، ورباط الثقافة، يحوّل المعرض الاختلاف إلى تبادل إبداعي في عالم متنوع، وأجملُ ما فيه هو التجربة بعمقها وأبعادها الثقافية المتكاملة”.

وأضافت: “من خلال علاقتنا التاريخية مع متحف سيول للفنون، نحقّق، بفضل ثِقَلِ وعمق روابِطِنا المشتركة، معياراً جديداً للشراكات المؤسسية الدولية، أول معرض لمقتنيات المتحف خارج كوريا، وأول معرض بهذا الحجم للفن الكوري في العالم العربي. كل هذا كيان حي يتنامى ويتطوّر، بطاقة خلاّقة للمجتمعات الإبداعية في أبوظبي وكوريا والعالم، لقاء فكر وابتكار وفرص جديدة بإبداع يضيء المستقبل من منارة السعديات وفي عام المجتمع، من أبوظبي – العالم في مدينة”.

وقالت يونجو تشوي، المدير العام لمتحف سيول للفنون: “يُمثل معرض “الوسائط المتعددة: كلُّنا دوائر مفتوحة” أوسع عرض للفن الكوري المعاصر حتى الآن في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يضم المعرض 48 عملاً فنياً لـ 29 فناناً كورياً، بما في ذلك أعمال فنية بارزة من مجموعة متحف سيول للفنون، ويُقدم نظرة شاملة على الممارسات الحالية في الفن الكوري المعاصر. وأضافت: يتضمن المعرض عمل “عجلة دارما” للفنان نام جون بايك (1998)، وعمل “كرة راقصة التوصيل” للفنان أيونغ كيم (2022)، واللذين يتتبعان معاً إرث الفن الإعلامي الكوري واتجاهاته المستقبلية، حيث سيُتاح للجمهور في مجلس التعاون لدول الخليج العربية فرصة فريدة للتفاعل مع السياق التاريخي، والخصائص المميزة، والآفاق المستقبلية للفن الكوري المعاصر”.

وأضافت: “في ديسمبر، سيواصل متحف سيول للفنون هذا الحوار الثقافي من خلال تقديم معرض “التماهي والتقارب”، وهو معرض يُقدّم الفن المعاصر من دولة الإمارات، في فرع سيوسومون الرئيسي لمعرض سيما. ونعتقد أن هذه المعارض لن تُعزز التفاهم بين مجتمعينا الفنيين فحسب، بل ستُسهم أيضًا بشكل هادف في الحوار العالمي حول الفن المعاصر”.

ويمثل هذا الحدث محطة رئيسية ضمن شراكة طويلة الأمد بين مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومتحف سيول للفنون، حيث سيُتبع بمعرض ثانٍ مشترك تحت عنوان “التماهي والتقارب”، من المقرر افتتاحه في ديسمبر 2025 في العاصمة سيول، ويجمع أعمالاً لثلاثة أجيال من الفنانين المقيمين في دولة الإمارات.

تحولات الفن:  

يُقام المعرض في منارة السعديات في أبوظبي حتى 30 يونيو المقبل، ويجسّد رؤية ثقافية شمولية تسعى إلى ترسيخ أبوظبي كمنصة عالمية للتبادل الثقافي وحوار الحضارات، كما يسلط الضوء على مسيرة تطور فن الوسائط الكوري المعاصر على مدى أكثر من ستة عقود، ويبرز كيف تفاعل الفنانون الكوريون مع التحولات الاجتماعية والتكنولوجية العميقة في بلدهم، من خلال أعمال تتقاطع فيها الوسائط المختلفة، في تجربة فنية نابضة بالحياة والتجديد.

ويستمد المعرض عنوانه من المقولة الشهيرة للفنان الكوري الرائد “نام جون بايك” عام 1966: “نحن في دوائر مفتوحة”، وهي مقولة استشرفت حال عالمنا المترابط الحالي، وتشكل مرتكزًا فلسفيًا يستند إليه المعرض في تقديم الفن كوسيلة للتواصل بين التجربة الفردية والأنظمة الاجتماعية والثقافية المحيطة.

أما الجولة في المعرض فتبدأ من قسم “أن تنفتح الدوائر” وعرض فيه وسائط في تشكيل الفن الكوري المعاصر، ابتداء من ستينات وسبعينات القرن الماضي، وهي فترة انتقالية عميقة في كوريا، جاب خلالها هؤلاء الفنانين التقاليد والأشكال الناشئة، متنقلين بين السياقات المحلية والدولية لفتح آفاق تكنولوجية وفلسفية واجتماعية جديدة. وأدت تجاربهم الرائدة في مجالات الإنارة الكهربائية والضوء والصور المتحركة والأداء والأنماط التكنولوجية والأجهزة كالتلفزيون إلى توجه فني مفاهيمي يقوم على أن تفتج الدوائر السائدة من الممارسات الثقافية التقليدية على أنماط جديدة بالاستفادة من الإمكانيات الرقمية الناشئة.

وإلى جانب اعتماد الوسائط الجديدة كشكل غير معتاد بحث هؤلاء الرواد في كيفية تشكيل أساليب التسجيل والوساطة للمعنى نفسه. وألقى العرض الأرشيفي الضوء على هذه الابتكارات الفنية في سياق التصنيع الكوري السريع والحركات السياسية والعلاقات العالمية المتطورة، وهي تغيرات اجتماعية تُظهر ارتباط كوريا المتنامي بالعالم الأوسع ولا تزال تشكل الإنتاج الفني اليوم.

ويتكامل الطرح الفني للمعرض مع تصميم مكاني أبدعته شركة “فورمافانتازما”، والذي يجمع بين الحساسية المعمارية والتعبير المادي المدروس، ضمن سرد بصري متعدّد الطبقات.

كما يقدم المعرض برنامج عام غني يضم جلسات حوارية، عروضاً فنية وأداء حيا، إضافة إلى سلسلة من عروض الأفلام الفنية والنقاشات الجماعية، والتي ستُعلن تفاصيلها لاحقاً عبر المنصات الرقمية. ويُشكل المعرض أيضاً جزءاً من مشروع ثقافي متكامل يتضمّن إصدار كتاب بعنوان “حوارات متعددة”، يضم مجموعة من النصوص لكتّاب مقيمين في دولة الإمارات، بما يُسهم في تعميق جسور التبادل الثقافي بين الإمارات وكوريا.

 

بواسطة
نون – أبوظبي - عبير يونس:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى