نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: دفتر أحوال مصر المحروسة

أحداث كثيرة متسارعة تمر علي مصر لاشك أنها حصاد ما زرع من قبل … أخرها ما نحن فيه من سيول و أمطار و رياح أخرجت كل ما فينا من خصال حسنة و فضحت الفساد المستقر في مصر منذ سنوات بعيدة .

فتح الناس بيوتهم لمن  تقطعت به السبل و لم يجد ما يصل به لبيته و فتحت المساجد و الكنائس أبوابها لهم و أعلن أهل الخير فتح بيوتهم و مطاعمهم لكل ذي حاجة و طاف الشباب بسياراتهم يبحثون عن كل من تعطلت به سيارته و بعضهم كاد يغرق مع سيارته في الماء و أشتغل البعض الأخر علي شبكات التواصل الاجتماعي يحذر من الطرق التي أنهار بعضها أو غمرتها مياه الأمطار وكان ذلك مصداقا لقول رسولنا الكريم صلي الله عليه و سلم«الخير في و في أمتي إلى يوم الدين».

و أما عن مظاهر الفساد فلعل أوضحها غرق المدن الجديدة الجميلة في هذه الأمطار مثل التجمع الخامس و الرحاب و مدينتي و غيرها مع أن وسط القاهرة ولله الحمد علي أفضل ما يكون لم نسمع شكوى واحدة من تراكم مياه الأمطار أو غرق البيوت فيه وذلك يرجع من وجهة نظري المتواضعة لفساد من قام بتنفيذ شبكات الصرف في هذه المدن الجديدة و التي صرفت عليها عشرات المليارات.

و قد كان لي تجربة شخصية منذ أكثر من عشرين عاما بحدوث أمطار تقترب من السيول بمدينة الرياض بالسعودية وخلال دقائق بسيطة لم يكن هناك أثر لأي من تلك الأمطار الغزيرة فقد تسربت إلى باطن الأرض من خلال شبكة محترمة مصممة و منفذة بدقة فكانت الخسائر للمواطنين و السيارات تكاد تقترب من الصفر مع الإشارة إلى أن الحال هناك قد يكون تغير فقد غرقت جده قريبا في مياه الأمطار مثلنا تماما .

أما المظهر الثاني للفساد فهو أعمدة الكهرباء التي تسببت في سقوط العديد من ضحاياها في الشوارع و فوق الدائري و عديد من الطرق و هي ظاهرة متكررة علي مدار العام و في كل محافظات مصر تقريبا و لا أظن أنها تحتاج إلى حلول علمية أو ميزانيات كبيرة و لكنها تحتاج إلى ضمير من يقوم بتنفيذ شبكات الكهرباء أو صيانتها و كذلك عقوبات رادعة للمهملين أيضا تتناسب مع ما يلحق بالمواطنين بسبب إهمالهم، ولعل الفيديو الذي نشر علي وسائل التواصل الاجتماعي عن الشابين اللذين صعقا بالكهرباء نموذجا للإهمال الشديد فقد  تعطلت سيارتهما فوق الدائري بالمريوطية و نزلا لإصلاح السيارة فصعقتهما المياه التي كان بها ماس كهربائي من أحد أعمدة الكهرباء فتوفيا علي الفور و أصيب أخ ثالث لهما رحمهما الله .

كل ما سبق هو اختصاص أصيل لأجهزة المحليات التي غابت عن مصر منذ حلها بعد ثورة ٢٥ يناير، و كانت قبل الثورة نموذجا للفساد الظاهر الذي لا تخطئه عين لدرجة أن أحد أعمدة حكم مبارك وقتها وصفها بأن الفساد فيها أصبح للركب وهو زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية و كاتم أسراره، فمتى ستعود المحليات لعملها و دون فساد لأن فسادها يعني استمرار انهيار الطرق و العقارات، و أن تغرق مصر في شبر ميه كما يحدث الآن فالرقابة علي عمل أي جهاز تنفيذي ضرورة واجبة و ضمانة لكي يقوم الجهاز بعمله علي أكمل وجه فلا تتكرر حوادث الأمطار والتي هي أمطار خير و  تزداد معدلات سقوطها علي مصر و لله الحمد سنة بعد أخرى.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعةأهم الأخبارالعربيةوالدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى