نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: السادات وأكتوبر انتصار لا ينتهي

إن البعض تجاوز في كراهية السادات، واعتبر أن كرهه للسادات هو تقربًا وقربانًا لمحبة عبدالناصر وعاون اليهود دون إدراك منه، فما إن تبدأ الاحتفالات لنصر أكتوبر حتى يبدأ هو في الحديث عن الخلاف بين الفريق العظيم سعد الدين الشاذلي وبين السادات، فيترك البطولات الهائلة التي سطرها أبناء مصر بدمائهم وأرواحهم خلال حرب أكتوبر وينساها ويبدأ رحلة تشويه قائد هذه الحرب؛ لأنه أصبح يرى أنه ليس انتصارًا ما دامت الثغرة قد حدثت وعبر الصهاينة إلى غرب القنال ونسى أنهم حاولوا احتلال مدينة السويس يوم ٢٤ أكتوبر وخرجوا منها مذلولين مدحورين تاركين وراءهم دباباتهم وقتلاهم.

وأصبح هذا التاريخ عيدًا للسويس كما أن أمريكا بكل ثقلها العسكري أصبحت علنا في قلب المعركة، وكانت تبحث عن مخرج لهذه القوات فكان أول طلب من الثعلب اليهودي العجوز وزير خارجية أمريكا ومستشارها للأمن القومي هنري كسينجر هو الإبقاء علي الوضع الحالي بمعنى وقف إطلاق النار والقوات الإسرائيلية غرب القناة، وهو يعلم أن هذا الوضع الشاذ لن يستطيع الاستمرار فيه؛ لأن هذه القوات تحوطها القوات المصرية من كل جانب والعمليات العسكرية ضدها علي مدار اليوم بالليل والنهار. وكان اقتراح سحب القوات المصرية المنتصرة المتمركزة شرق القناة لضرب الثغرة فيه شبهة الانسحاب وهي الكلمة التي كان يكرهها الجميع؛ بسبب قرار الانسحاب بعد نكسة يونية 67. والتي بسببها احتلت إسرائيل سيناء.

ومن المعروف أن الأراء قد تتباين داخل غرف القيادة، وأن القرارات العسكرية قد تتعارض مع الوضع السياسي. فالسادات رحمة الله عليه كان يعلم أن مصر في وقت اتخاذ القرار ليس لديها القدرة لتحرير سيناء كاملة بالسلاح والحرب. ولكنه عبر القناة بمئات الآلاف من الجنود والدبابات والمدرعات، وحطم خط بارليف الذي كانوا يتباهون به ويتحصنون خلفه، وحرر أكثر من عشرين كيلو مترًا بطول القناة وتمركزت فيها الفرق المصرية بكامل أسلحتها وأمريكا وإسرائيل لن تغير هذا الوضع إلا لو انسحبت أنت بقواتك للغرب مرة أخرى. وهو ما يعني الهزيمة، ولذلك كان قرار عدم عودة القوات من الشرق للغرب هو قرارا سياسيا وعسكريا وليس عسكريا فقط. وقد كتب في هذا الموضوع مئات الكتب و الأبحاث. وكلها تؤكد أن الانتصار في حرب السادس من أكتوبر كان معجزة عسكرية على كل المقاييس والمعايير العسكرية. وأن الجندي المصري المقاتل كان ذروة هذه المعجزة.

وقد اعترف العدو نفسه بذلك وعلى رأس من صرح بذلك صوتا وصورة موشي ديان وشارون وجولدا مائير فلا يصح أبدا ولا يجوز أن يعترف العدو صوتا وصورة بالهزيمة. وينسحب من أرضك انسحاب الذليل ثم تعود أنت لتكتب عن الثغرة. وخلاف السادات والشاذلي وتشكك بنفسك في انتصار بلدك علي الصهاينة لتقدم خدمة جليلة لهم؛ لأنهم بالفعل يتمنون أن تنسى الأجيال، التي حضرت حرب أكتوبر أن مصر والعرب قد أذلوا الجيش الصهيوني المدجج دائما بأحدث نظم وأنواع السلاح الأمريكية والغربية. كما لا ننسي أبدا أن حليفنا السوفيتي كان يعطي مصر السلاح بالقطارة ولا يعطينا إلا السلاح المتقادم عنده. كما لا ننسى أن الروس عندما وقفوا مع بشار الأسد وكان في زيارة للقوات الروسية على أرض سوريا منعوه من الدخول مع الرئيس الروسي بوتين لتحية القوات رغم أنه رئيس سوريا وهذه القوات على أرض سوريا وجاءت بناءً على دعوة منه.

إن انتصار مصر والعرب في حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر جعل قادة إسرائيل يفكرون ألف مرة. قبل مواجهة مصر عسكريا. واتخذوا أساليب أخرى للحرب ضدها. ومنها إفساد الأجيال الجديدة بكل الوسائل. وزرع عادات اجتماعية غريبة عن مجتمعنا الشرقي المحافظ. والمخدرات والأغاني الهابطة ورقص الشباب عرايا بالسنج والسيوف وقتل الانتماء للوطن في نفوس الشباب. وكلنا نعلم أن هناك من يقوم بذلك عن علم. طمعا في المكاسب المالية من ورائها ومنهم من يروج لها عن جهل.

لا تجعلوا تصفية الحسابات مع الزعيم القائد محمد أنور السادات تأخذكم إلى أن تتحدوا مع عدو مصر. وعدوكم في إهالة التراب على الانتصار الكبير في حرب أكتوبر وعلى دماء الشهداء. الذين فدوا مصر بأرواحهم. ولنعلم أن كل من حكم مصر كانت له مميزاته وعيوبه. وكانت له قرارات وسياسات صحيحة وأيضا خاطئة فكل من حكم مصر كان من البشر. وليس للملائكة حكم على وجه الأرض.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى