نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: البحث العلمي يهزم كورونا

 من رحم الأزمات تولد الأفكار هكذا تعلمنا وقد خلق الله الأرض و جعل فيها شعوبا لا تستلم أبدا لليأس ولا تركع للمحن ولا الكوارث عبر تاريخها.

وكانت مصر دائما من هذه الشعوب التي غيرت و أثرت في موازين القوي ولعل تجربة محمد علي في أحياء قوة مصر الحديثة مازالت في الأذهان والتي بسببها تركت القوي العالمية خلافاتها العميقة وحروبها الطاحنة للتصدي للعملاق المصري الذي تمدد في شمال أفريقيا والشام والحجاز وأوروبا حتى وصل اليونان واسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية في هذا الوقت .

الآن كلنا تحت حصار فيروس كورونا لا فرق بين غني وفقير وكل دول العالم بدت وكأنها جزر منعزلة مقطوعة الأوصال تسعي كل دولة لغلق أبوابها وحدودها وتفرض حظر التجوال والتحرك داخل الدولة علي مواطنيها وكل العالم يتابع لحظة بلحظة في شوق وأمل إلى من يعلن أنه أستطاع الحصول علي دواء لهذا البلاء الذي عصف باقتصاد العالم كله، وحتما سيكون لتلك الدولة عوائد اقتصادية هائلة عند الفوز بهذا الدواء وهو ما يعود بنا إلى علمائنا في مصر ونتساءل هل نستطيع أن نعود بكم للتأثير في مجريات الأمور في العالم كله لو كان لنا هذا السبق؟.

والجواب منهم سيكون و هل قدمتم لنا الحد الأدنى من الدعم والرعاية كي نستطيع أن نتقدم وننافس ونقدم هذا الدواء، فنرد جميعا و في صوت واحد لا لم يكن للبحث العلمي لدينا في مصر أي قيمة فميزانية البحث العلمي أقل من عشرين مليار جنيه مصري أي أزيد من مليار دولار لا غير قد يبتلعها بند المرتبات وحده ولا يجد العالم والباحث ما ينفقه علي أبحاثه.

وأعلم أن الكثير من علماء مصر يعملون في وظائف أخري في القطاع الخاص ليتمكن من الصرف علي أبحاثه و هناك من هذه الأبحاث ما إن وجد الدعم المالي له ما يجعل مصر في قلب المنافسة العالمية فنحن ولله الحمد مازال لدينا الكثير من العلماء وهم طاقة بشرية هائلة يستفيد منها العالم كله في كل علوم الحياة ولو أمسكنا القلم وكتبنا أسماء علمائنا الذين تعلموا و تخرجوا من مصر ثم جذبتهم إليها دول العالم ونجحوا فسنجدهم بالآلاف ومعظمهم في مقدمة مراكز الأبحاث في العالم كله .

الآن وجب علينا أن نعترف أننا ننتظر من يعلن نجاحه في الحصول علي الدواء الذي يقهر به وباء كورونا الذي سيغير أشياء كثيرة في العالم كله وأننا لابد أن نبدأ من الآن في وضع البحث العلمي في مقدمة أولوياتنا وأنا علي يقين أن الدولة ستتحرك في هذا الاتجاه الذي أكتشف الجميع الآن أنها قضية وجود وأن هذه الميزانية الهزيلة للبحث العلمي في مصر إنما هي إقرار بأننا لا نعطي له أية أهمية رغم أنه هو المعيار الأول للحياة وأنا أدعو كل الجهات سواء كان منظمة من منظمات المجتمع المدني المحترمة أو الأزهر الشريف وبمعاونة بنكي مصر والأهلي وغيرها من البنوك المبادرة  بالإعلان عن جائزة مالية للبحث العلمي لا يقل أقل جائزة فيها عن مليون دولار لأفضل بحث علمي في المجالات الخمس التالية  « الطب والدواء والغذاء والمياه والتعليم»، علي أن تكون هناك مؤسسة محترمة أعضاء مجلس أدارتها من علماء مصر والتحكيم فيها علي قيمة وأهمية الأبحاث عالميا .

و أدعو كل من يقتنع بهذه المبادرة أن يعلن دعمه لها كي يصل صوتنا إلى من له إمكانية دعمها وليكن عنوانها «البحث العلمي حياة مصر » ولابد لمصر أن تأخذ مكانها في مقدمة الأمم في هذا المجال بإذن الله .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
tF اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى