نون والقلم

محمد فؤاد يكتب: حماية الشباب مسئولية مجتمعية

يؤسفني كثيرًا ما نسمعه يوما تلو الآخر من إقدام شاب على الانتحار بطرق مختلفة. آخرهم فتاة المول الشهير التي ألقت بنفسها من الدور السادس للتخلص من الضغوط الأسرية التي تمارس عليها. فدفعتها قلة الحيلة وغياب السند إلى التخلص من حياتها كليًا. في مشهد أدمى قلوب كل الأسر المصرية، وأشعرهم بالخوف على هذا الجيل الصاعد.

صحيح أن عدد حالات الانتحار لا تمثل ظاهرة حتى الآن -بحمد الله- إلا أن الحوادث القليلة التي جرت تتطلب مناقشة الأمر والوقوف على أسبابه.

عندما أقرأ هذه القصص المؤسفة، كثيرًا ما يثير ذهني تساؤلات حول ما الدافع القوى الذي يجعل إنسانا يخطط بكل عزمه من أجل التخلص من حياته وينفذ عملية قتل نفسه بكل ثبات وإصرار وكأنه وجد في الموت الحل الوحيد للتخلص من أزماته ومشكلاته؟! وماذا لو وجد شخصًا بجواره يدعمه نفسيًا ويساعده على حل مشكلاته والحفاظ على حياته؟ وماذا لو وجد القدوة ليخبره كيف يتخطى الصعاب من أجل الوصول إلى الهدف؟

الانتحار جريمة مجتمعية خالصة من وجهة نظري المتواضعة. فهي تنم عن خلل مجتمعي أول من تأثر به شبابنا، الذي هم مستقبل البلاد وقوتها. فقد وجدوا أنفسهم محاصرين بضغوط هائلة غير قادرين على حلها. وفي الوقت نفسه لم يجدوا أسرا وآباء وأمهات تمد إليهم يدا حانية وكلمة طيبة تساندهم وتقويهم. لتخطى أي معوقات تواجههم بالصبر وقوة التحمل. لم يجدوا من يعززهم نفسيًا تجاه أهدافهم التي يسعون لها، من يخبرهم أن الحياة لن تنتهي عند الفشل وإنما تبدأ.

للأسف حماية الشباب من الانتحار مسئولية مجتمعية كاملة، لكل مؤسسة دور مهم فيها، بدءًا من الأسرة ودورها في رفع نفسية ابنهم واحتوائه مهما أخطأ مع توجيهه إلى الصواب، ودور المدرسة في تشجيعه وتعليمه الصعاب التي خاضها القادة والعظماء عبر التاريخ، مع متابعة كل من يظهر لديه خلل نفسي من خلال الإخصائية النفسية، ودور العبادة وتأصيل القيم الدينية الراسخة من الصبر والتمسك بالأمل، والاعتماد على الترغيب وليس الترهيب، ويبقى الصديق الصالح المحب هو من أهم الدعائم التي تقوى الإنسان خاصة الشباب. وتقويه على الاستمرار في معارك الحياة والصمود فيها دون أي يأس.

وختامًا.. اقترح تكوين فرق طوارئ نفسية لدعم الشباب نفسيًا، ومد يد العون لكل من يشعر أن الحياة ضاقت عليه بما رحبت، وانقاذهم من حالات الاكتئاب والإحباط واليأس، وتدشين حملات لتأسيس الشباب نفسيًا وتنميتهم ذاتيًا فضلًا عن إقامة ندوات دينية تعلمهم الصبر والتحدي، وإدماجهم في العمل المجتمعي ليشعروا بقيمتهم ويثبتون ذواتهم، وأقول لكل أبٍ وأم: كونوا سندا لأبنائكم ولا تتركوهم فريسة لأفكار محطِّمة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى