نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: من يتابع تنفيذ وعود الحكومة؟

على باب الجمعية التعاونية، وُضعت لافتة عريضة كُتب عليها «لا توجد الزيادة الجديدة». عند الاقتراب والسؤال عن طبيعة هذه الزيادة، أوضحت مديرة الجمعية بأنها الزيادة التي أعلنت عنها الحكومة، وتحديدًا وزارة التموين، والتي تتضمن إضافة 125 جنيهًا لكل فرد على بطاقة التموين، و250 جنيهًا في حالة الفردين، كزيادة على المخصصات.

وأضافت المديرة أن هذه الزيادة كان من المفترض صرفها خلال الفترة ما بين 10 إلى 15 مارس، أي حتى يوم السبت. وذكرت أن الكثير من المواطنين كانوا يتوافدون لمتابعة الأمر، مما دفعها إلى كتابة تلك العبارة على اللافتة.

هذا الموقف لم يكن مقتصرًا على الجمعيات التعاونية فقط، بل شمل أيضًا البدالين في المناطق المختلفة. الواقعة نفسها جرت يوم الخميس، الموافق 13 مارس، قبل انتهاء موعد الصرف بيومين، علمًا بأن الجمعة يوم عطلة، مما يعني أن المهلة الفعلية انتهت بحلول السبت. ما تم رصده خلال هذه الفترة هو حالة واسعة من التذمر بين المواطنين الذين أعادوا تنظيم أمورهم المعيشية بناءً على وعود الحكومة بالزيادات.

هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن أخبار سارة للمواطنين، فقط لتتأخر في تنفيذها إلا بعد ضغط شعبي يصل عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. هذا التكرار يشير إما إلى استخفاف بالمواطنين أو إلى مشكلات داخلية تحول دون إيصال المعلومات الحقيقية لصنّاع القرار خشية المساءلة والمحاسبة. وربما يشير ذلك أيضًا إلى وجود ترتيبات غير واضحة يستفيد منها البعض نتيجة السيناريوهات المتكررة.

على الرغم من أن وزارة التموين خصصت خمسة أيام لصرف الزيادات المزعومة وكانت تدرك أن هناك حوالي ستة ملايين أسرة مستفيدة منها، وأن هذه الفترة ستشهد ازدحامًا كبيرًا في مراكز الصرف خاصة مع دخول شهر رمضان، إلا أن التنفيذ لم يتم حتى يوم الخميس. مع إغلاق الجمعيات أبوابها في الثالثة عصرًا، وجد المواطنون أنفسهم أمام وعدٍ لم يتحقق رغم تصديقهم للتصريحات الرسمية.

الوضع لا يقتصر على أزمة الزيادات في التموين فقط. فحزمة الحماية الاجتماعية التي أُعلن عنها منذ الشهر الماضي وتم الترويج لها بشكل واسع كإنجاز مميز كان مقررًا تنفيذها بدءًا من مارس بالتزامن مع شهر رمضان. ورغم تصريحات الحكومة ووسائل الإعلام حول «زيادات تاريخية»، والتي كان يفترض أن تشمل ثلاثة ملايين فقط من العاملين بالدولة والقطاع العام، إلا أن التنفيذ تأجل فجأة إلى يوليو القادم مع الموازنة الجديدة.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أعلنت الحكومة عن هذه القرارات دون جاهزية فعلية لتنفيذها؟ خاصة أن المجلس الأعلى للأجور قرر رفع الحد الأدنى إلى 7 آلاف جنيه، وكان يجب أن يتم التنسيق لتطبيق باقي القرارات المعلنة.

هذا التخبط والتأخير يسيء إلى سمعة الحكومة ويعزز شعور الناس بتعاملها بمكيالين. فالقرارات التي تصب في صالح المواطنين تجد مقاومة ومماطلة، بينما يتم تطبيق سياسات الجباية وفرض الرسوم بسرعة وحزم.

هذا النهج يزيد من تآكل الثقة العامة في الحكومة، مهما تحدثت عن مؤشرات اقتصادية إيجابية أو تحسن معدلات النمو وانخفاض التضخم. المواطن البسيط لا يهتم بكل ذلك بقدر ما ينتظر انعكاس هذه السياسات على حياته اليومية وأعبائه المعيشية، في وقت ارتفعت فيه الأسعار بشكل غير مسبوق حتى وصل كيلو الليمون إلى أسعار تفوق بعض أنواع الفاكهة «الأرستقراطية»، رغم أنه سلعة أساسية على مائدة المصريين في رمضان.

ننتظر بيانًا من الحكومة يوضح أسباب تأخر تطبيق الزيادات بشكل شفاف وواضح. المطلوب ليس بيان نفي تقليدي كما اعتدنا، بل مصارحة حقيقية حول ما يحدث.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى