مجدي حلمي يكتب: الانفاق العام والفساد
تعود قضية الفساد ومكافحته للظهور هذه الأيام مع توالي التقارير الدولية في الصدور حول مؤشرات الفساد في العالم.. ومنذ أيام قليلة كتب أحد خبراء البنك الدولي تقريرا بأن الفساد في زمن كورونا توسع واخذ أشكالا وصور جديدة ودعا إلى توحيد الجهود لمكافحته بقوة وهو نفس المسار الذي اتبعه صندوق النقد الدولي في تقرير مماثل.
وتقول المؤسستان «أن الحكومات حول العالم تقوم بدور أكبر في الاقتصاد من أجل مكافحة الجائحة ومد شرايين الحياة الاقتصادية للأفراد والشركات. وهذا الدور الموسع ضروري ولكنه يؤدي أيضا إلى زيادة فرص الفساد. ولضمان التأكد من أن الأموال والإجراءات الموجهة لهذا الغرض تساعد الفئات الأشد احتياجا إليها، تحتاج الحكومات إلى تقارير تتسم بالشفافية وحسن التوقيت، وإجراءات لاحقة للتدقيق والمساءلة، وتعاون وثيق مع المجتمع المدني والقطاع الخاص».
ورغم المبادرات العالمية والإقليمية لمكافحه الفساد إلا أنها لم تحقق أي تقدم ملموس في مكافحه الفساد على المستوي العالمي ولم تضع حد لظاهرة تهريب الأموال عبر شركات وهمية ولم تحاول إجبار الملاذات الآمنة للأموال الفاسدة الانخراط في النظام المصرفي العالمي.
وعلى مدار سنوات طويلة وبكل امكانيات مجموعه البنك الدولي بأركانها الخمسة لم تستطع إلا إعادة مليار دولار فقط من الأموال المنهوبة من الدول الفقيرة وعائدات التجارة غير المشروعة في المخدرات والدعارة وهو رقم صغير بالنسبة لهذه الأموال مقارنة بتقديرات المجموعة ذاتها والمؤسسات المالية الدولية أو وكالات الأمم المتحدة المعنية الأخرى.
والفساد في زمن كورونا أصبح أكثر صلابة وقوة مع غياب آليات الرقابة والمحاسبة والشفافية. فيما تم انفاقه لمواجهه هذه الجائحة التي ضربت العالم. وعدم الإعلان عن هذه المعايير وآليات تطبيقها على أرض الواقع ذاد من شكوك المؤسسات الدولية.
ولأن الحكومات قدمت مليارات الدولارات لتعويض المتضررين من هذا الوباء. كمعونات وإعانات مالية أو عينية أو عن طريق دعم سلعي إلا أن هذه الأموال الضخمة تحتاج إلى مراجعة دائمة. لضمان أولا أنها ذهبت لمستحقيها. والثاني أن هذه الأموال صرفت فيما خصصت له من رفع آثار الجائحة عن الناس.
وما أطرحه الآن هو محل جدل في أوساط المؤسسات المالية الدولية وعدد كبير من المقالات والدراسات حول الانفاق العام الذي قدمته الحكومات لمواجهة الجائحة والسؤال أين صرفت هذه الأموال ومن الذي استفاد منها وكيفية تقييم عملية الصرف ودور شركاء مكافحة الفساد في مراقبة هذا الانفاق؟
القضية أن جميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية لمكافحة الفساد والرشوة والجريمة المنظمة قد طلبت من الحكومات التعاون مع شركاء في عملها وحددتهم على سبيل الحصر في اتفاقيه الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهم القطاع الخاص والمجتمع المدني بمفهومه الواسع والإعلام. واعتماد قوانين تتيح حرية تداول المعلومات واعتماد نهج الشفافية في كل تصرف حكومي. حتى تزيد الثقة العامة في الإجراءات الوقائية لمكافحه الفساد.
والآن يوجد أكثر من 140 دولة لديها قوانين لحرية تداول المعلومات. ومثلها لحماية الشهود والمبلغين عن الفساد لكنها لم تستطع تحقيق انتصارات مبهرة على الفاسدين. الذين أصبحوا الآن في شبكات دولية قوية عابرة للدول وتتحدى كل القوانين والإجراءات. وكل ما حققته قوانين حرية تداول المعلومات جعلت ضمير المجتمع أكثر قدرة على فضح وكشف الفساد. من خلال الوثائق والأدلة بدلا من الأقوال المرسلة.
فالفساد كما أكد واجمع جميع الخبراء هو العدو الأول للتنمية. ومهما فعلت الحكومات من أعمال دون وجود شفافية وعلانية في هذه الأعمال ستكون محل شك من المجتمع. ومحل للشائعات وستظل حالة عدم الرضي موجودة وفقدان الثقة مستمرة. وهي الحالة التي ينشط فيها الفاسدون ويستغلونها من خلال إطلاق عشرات الشائعات لصرف النظر عن جرائمهم. التي تهدر كل إنجاز على الأرض.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية