نون والقلم

مجدي حلمي يكتب: اتحاد المحامين العرب يبحث عن رجل رشيد

فجأة طفى على السطح اسم اتحاد المحامين العرب بعد سنوات من الاختفاء.. وظهر هذه المرة بسبب صراع وانقسام داخلي.. ورفض الأمانة العامة للاتحاد الاعتراف بأن مصر أو نقيب المحامين المصريين هو رئيس الاتحاد، وبالتالي لابد من التشاور معه في أي قرار أو موقف يتخذه الاتحاد.

والصراع تطور وأصبح التلاسن بين أطرافه علنيًا، بل وقام نقيب المحامين المصريين بعمل فيديو بث مباشر للرد على الأمانة العامة للاتحاد التي دعت إلى اجتماع للمكتب الدائم في مدينة شرم الشيخ بدون التنسيق مع النقابة المصرية التي هي المسئولة عن التنسيق مع الدولة وهو المتبع في كل اجتماعات الاتحاد التي عقدت في مختلف البلدان العربية منذ إنشائه.

ولابد أن أشير إلى أنني كنت مكلفا لسنوات طويلة بتغطية كل أنشطة الاتحاد وسافرت معه في أغلب البلدان العربية، ووقتها كان الاتحاد تحت قيادة رجال عظماء على رأسهم النقيب الجليل أحمد الخواجة والأمين العام فاروق أبو عيسى وأمين الصندوق محمد علوان. وغيرهم من أعضاء المكتب الدائم ومن النقباء الكبار في كل النقابات العربية.

وكنت من المحظوظين الذين تعرف على هؤلاء عن قرب وكان للاتحاد دور قومي عربي وكان يقتحم كل القضايا الشائكة التي تهم المواطنين العرب وليس المحامين،  وكان صوته مسموعا عند كل الحكام العرب لأنهم كانوا يعرفون قيمه الاتحاد وقامه قياداته وأعضائه وكان مقره خليه نحل  كل أسبوع ندوه لأو اثنين تتناول من القضايا  العامة أو القضايا المهنية وكان قبلة لكبار السياسيين والحقوقيين في العالم كله، وهو الذي شارك في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان واستضافها في مقره بمنطقة جاردن سيتي، وشارك في تأسيس عدد كبير من المنظمات الدولية ولعب الدور الأبرز في عودة العلاقات العربية العربية التي كانت الخلافات بين الحكام العرب على أشدها، فلعب دور الوسيط النزيه؛ لذا نجح  في مهمته.

ومنذ 2005 غاب الاتحاد مثله مثل كل الاتحادات العربية المهنية الأخرى عن المشهد العام في الوطن العربي وأصبحت مقرات في القاهرة أو بعض العواصم العربية ولم نعد نسمع عن أي أنشطة تقام. مثلما كانت قبل هذا التاريخ.  وزاد الاختفاء بعد أحداث الربيع العربي وفقدت المنطقة العربية وعلى رأسها الحكومات سلاحًا مهمًا وهو سلاح الدبلوماسية الشعبية التي كان يتصدرها اتحاد المحامين العرب الذي هو أول منظمة عربية تمتعت بالعضوية الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة وكان فاعلا في كل أنشطة الأمم المتحدة سواء في نيويورك أو جنيف.

وجاءت الخلافات الأخيرة لنتذكر أن في منطقة جاردن سيتى مبنى وشارع باسم اتحاد المحامين العرب.. وتذكرنا بالتالي كل الاتحادات المهنية العربية ومنها أيضا اتحاد الصحفيين واتحادات الأطباء والصيادلة والمهندسين.. الخ، وكانت ملء السمع والبصر.

هذا الخلاف الدائر في اتحاد المحامين العرب يحتاج إلى تدخل العقلاء من قادة المحامين وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وأن يتم الاحتكام إلى النظام الأساسي للاتحاد وأن يعرف كل طرف حقوقه وواجباته حتى تبقى هذه المؤسسة موجودة حتى ولو كانت لافتة على مبنى، فمن الممكن أن يأتي جيل يعيد لها الدور المفقود.

وقد يكون هذا الخلاف نافعًا لكل الاتحادات العربية المهنية والعمالية حتى تقوم من سباتها وتعود إلى ممارسة دورها القومي وأن تعود وسيطًا نزيهًا إلى إنهاء الصراعات التي تعصف بالدول العربية في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال.. وأن تشارك الحكومات في حربها ضد الإرهاب وضد الفقر والجهل. فهي بيوت خبرة كبيرة من خلال كوادرها الموجودة في كل مكان من المحيط للخليج.

أعتقد أنه يوجد في صفوف المحامين العرب رجل رشيد يعيد الاتحاد إلى مساره ويعيد الأمور الى نصابها، وأن يعلم القائمين على الاتحاد أن مهنة المحاماة مثل باقي المهن الحرة في المنطقة العربية في محنة كبيرة وتحتاج الى الوحدة للبحث عن وسائل للارتقاء بمستوى الاعضاء حتى يعود إلى مهنة المحاماة رونقها القديم.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى