كمال بالهادي يكتب: تركيا تكشف عن أطماعها في ليبيا
قالت وكالة الأنباء التركية «الأناضول» إن شركات الطاقة الكهربائية التركية تستعد لمواصلة أعمالها المتعلقة بإنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية في المناطق التي تسيطر عليها حكومة السراج .
وأفادت شركة «جاليك» التركية للطاقة الكهربائية، في بيان نقلته الأناضول، أن أولى أعمالهم في ليبيا بدأت عام 2014، بإنشاء محطة الخمس للطاقة الكهربائية الواقعة على بعد 100 كيلومتر شرقي العاصمة طرابلس. وأضافت أن «تسليم المحطة الكهربائية لوزارة الكهرباء الليبية جرت في عام 2018».
أصهار متنفذون
وكان « بيرات البيرق » صهر أردوغان، و زوج ابنته الكبرى مُديرًا لشركة «جاليك» التركية القابضة وأحد أبرز من يطلق عليهم « نمور الأناضول» في حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل أن يترك الشركة وأصبح يتولاها الآن شقيقه يافوز فيما ترشح « بيرات » للانتخابات على قوائم حزب العدالة والتنمية عام 2015 وأصبح عضوًا في البرلمان وبعدها بأشهر قليلة تولى منصب وزير الطاقة في 2015.
واشترى «بيرات » صحيفة الصباح التركية ، واسعة الانتشار بمبلغ 1.5 مليار دولار، والقناة التلفزيونية الإخباريَّة « خبر » بعد حصوله على قرض مساعدة من بنوك حكومية بمبلغ 750 مليون دولار وتعتبر هاتين المنصتين الإعلاميتين من أكثر المنصات الإعلامية التركية الداعمة للتدخل العسكري التركي في ليبيا ولسياسات والد زوجته أي أردوغان .
بدورها أفادت شركة «أنكا» التركية للطاقة الكهربائية، في بيان، أنها «وقعت على اتفاقية إنشاء محطة الغاز الطبيعي في مدينة أوباري في عام 2007، وأن البدء فيه جرى في 2010، إلا أنه بسبب قيام الثورة الليبية بعد عام تم تعليق المشروع». وأضافت الوكالة نقلاً عن الشركة أن «المشروع تم استئنافه عام 2012، إلا أنه عاد وعلق مرة أخرى عام 2014 لأسباب أمنية، وفي عام 2017 تم استئناف المشروع وتم إنهاء القسم الأكبر منه في أكتوبر من العام نفسه».
وأشارت الوكالة إلى «إعادة تعليق أعمال المشروع بعد ذلك للمرة الثالثة بعد تزايد المشكلات الأمنية في المنطقة».
وقالت الوكالة التركية أن 97 بالمائة من الشعب الليبي كان يحصل على الكهرباء عام 2002، في حين تراجعت النسبة إلى 67 بالمائة في عام 2018.
جدير بالذكر أن صحيفة الإندبندنت البريطانية قد نشرت في ديسمبر 2016 وسبقتها التايمز بسنة : إن هناك أدلةً قويَّةً على تورط البيراق في صفقات مع داعش، وأن هناك علاقةً له بشركة تركية مرتبطة ببلال نجل أردوغان مُتهمة بشراء النفط من التنظيم الإرهابي الذي كان يُسيطر على عددٍ كبيرٍ من آبار النفط في سوريا والعراق خلال عامي 2015 و2016 وهو ما نفته الحكومة التركية .
قواعد عسكرية
وكشفت صحيفة «يني شفق» المقربة من الحكومة التركية أن الأخيرة تنوي إنشاء قاعدتين عسكريتين دائمتين في أراضي ليبيا حيث تدعم قوات حكومة الوفاق الوطني. ونقلت الصحيفة، عمّا أسمته «مصادر إقليمية»، أنّ «التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا سيرتقي إلى مستويات أعلى» بعد الزيارة التي قام بها إلى أنقرة يوم 4 جوان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وأوضحت أنه «يجرى النظر حاليا لإعادة تشغيل قاعدة الوطية الجوية العسكرية التي يتم إصلاح البنية التحتية بها، فضلا عن الجهود المبذولة لإزالة الألغام». وذكرت «يني شفق» أن هذه الجهود تهدف إلى أن تكون الوطية متاحة لبناء تركيا قاعدة جوية فيها، حيث من المقرر أن تحتضن طائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي تركية ساهمت في نجاح العمليات العسكرية التي أسفرت عن استعادة قوات حكومة الوفاق السيطرة على هذا الموقع العسكري الهام.
وأضافت الصحيفة أنه «علاوة على ذلك سيتم اتخاذ خطوات مماثلة في ميناء مدينة مصراتة الساحلية التي تطل على البحر المتوسط”، ليتم فيه بناء» قاعدة بحرية مع تحصين قاعدة الوطية بالطائرات المسيرة والأنظمة الجوية.
وتابعت الصحيفة «بالتزامن مع الاستفزازات اليونانية في شرق المتوسط والتوتر المتزايد هناك، يتطلب وجود قوات بحرية تركية في المياه الإقليمية الليبية وبناء على ذلك يعتقد تحويل ميناء مصراتة إلى قاعدة بحرية تركية دائمة».
وأضافت مع ذلك أنه سيكون لدى تركيا «النصيب الأكبر في استخراج النفط هناك»، مشيرة في هذا السياق إلى أن «وجود السفن الحربية التركية ضروري للحفاظ على سلامة أنشطة التنقيب من أي تهديدات محتملة».
وتعتبر تركيا أكبر داعم عسكري خارجي لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في المواجهة مع الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يتهم تركيا بدعم الإرهاب في بلاده وزعزعة استقرارها عن طريق تدخلات عسكرية بما في ذلك نقل مسلحين من أراضي سوريا للقتال في ليبيا.
توسيع النفوذ
ومنذ وصول الرئيس أردوغان إلى الحكم في تركيا عام 2002، شهدت تركيا تغييرات على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن أبرز هذه التغييرات رؤية تركيا لدورها الإقليمي على ضوء تاريخها العثماني، وما تشهده المنطقة المحيطة مباشرة بها من اصطفافات جديدة وتوترات وصراعات، حتى أنّ أردوغان قد انقلب على أقرب المُقرّبين له في تركيا وخارجها، وحاد بشكل كامل عن سياسة «صفر مشاكل» التي كان قد اتخذها شعاراً من قبل لسياسته الخارجية. وفي 27 نوفمبر 2019 وقعت حكومة الوفاق والسلطات التركية مذكرتين حول ترسيم الحدود البحرية وتعزيز التعاون العسكري الأمني بين الطرفين، وأثارتا معارضة دولية شديدة لما تمثله هذه الاتفاقية من تهديد لأمن المتوسط وسط اتهام أنقرة بالسعي للتمركز عسكريا في ليبيا والاستفادة من الأزمة في البلاد للاستيلاء على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط عن طريق منطقة اقتصادية خالصة.
و قال الخبير العسكري المصري، اللواء سمير راغب، في تعليق على سعي تركيا إلى إقامة قواعد عسكرية في العاصمة الليبية طرابلس.
إنّ الجانب التركي يسعى لاستثمار، التقدم الميداني في غرب ليبيا والذي أدى إلى الانسحاب التكتيكي لقوات الجيش الوطني الليبي (بقيادة خليفة حفتر) من الحدود الإدارية لطرابلس، في تعزيز وجوده العسكري للدفاع عن الخطوط المكتسبة والعمل على كسب محاور جديدة وفي مقدمتها محور شرق مصراته في اتجاه سرت، ومحور شمال الوسط في اتجاه قاعدة الجفره، من خلال تدعيم عناصر القيادة والسيطرة والاستطلاع والإنذار والمخابرات، من خلال قاعدة الوطية العسكرية، القادرة على تأمين طرابلس، بإنشاء غرف عمليات ومراكز اتصالات ومراكز توجيه للطائرات التركية المسيرة، ثم العمل على إعادة تمركز طائرات مأهولة «إف-16»، بعد توفير دفاع جوي مناسب مثل نظام هوك ونظام باتريوت باك 2، مع امكانيه تأهيل مطارات لاستقبال طائرات النقل الجوي التي تحمل المرتزقة والأسلحة، بالإضافة للمطارات المستخدمة حاليا، ولكن هذه الحالة كمطارات تركية داخل قواعد عسكرية تركية في ليبيا».
وأضاف: «على الجانب البحري يعمل الجانب التركي على تعزيز وجوده البحري بوجود خمس فرقاطات وسفينة دعم، قابلة للزيادة، لتأمين الوجود التركي وتأمين الإمدادات العسكرية التركية البحرية، من خلال قاعدة عسكرية في مصراته، كذلك في المشاركة في الإسناد البحري لمعارك الساحل الليبي، وخاصة في سرت، من المنتظر إعادة كفاءة عدة قواعد عسكرية جوية وبحرية لتعزيز الوجود التركي في جنوب المتوسط، وهو الهدف الرئيسي للتدخل التركي».
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية