قمة محمد بن زايد – ترامب .. أفق جديد
دولة الإمارات في صميم الفعل الإيجابي العالمي. يقال هذا ويجد ما يماثله ويمثله في الواقع، حيث حضور الإمارات في الإقليم والعالم ينعكس منافع ومكتسبات لشعبها وشعوب المنطقة، كما للإنسانية في مطلق المعنى.
اللافت أن ذلك، منطلقاً وسيرورة وصيرورة وهدفاً، تحول ويتحول إلى نهج راسخ عبر ممارسة يومية واستراتيجية هي سمة سياسة الإمارات الخارجية المنسجمة مع سياستها الداخلية، ومن ملاحظة الحراك السياسي الذي حول أبوظبي إلى عاصمة القرار السياسي فعلاً لا قولاً، يتضح القصد في تمام معناه: الإمارات في الواجهة والطليعة ومقدم الموكب، وكما أن هذه الدولة، عبر تلاحم القيادة والشعب، تحقق في الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي والعمل الإنساني ما هو مسبوق، وما يصنف الأول عالمياً لجهة الدخل القومي، فإنها تحضر الحضور نفسه وأكثر في المحافل والقرارات السياسية، ولا عجب، حيث إن المسألة، مسألة القوة والحضور والثقة، تتصل وتتواصل مفاصل وفصولاً، ولا يمكن لدولة الإمارات المتفوقة اقتصاداً وتنمية إلا أن تتفوق في الحياة الاجتماعية والثقافية، كما في الحراك السياسي الإقليمي والعالمي. ذلك مبدأ أول يقتضيه المنطق ولا يتصور العقل غيره. الإمارات تقدم اليوم الأنموذج، وذلك ما يقصد كلما قيل أو ردد أنها تقدم الأنموذج أو تصدر الفرح والتفاؤل.
في السياق المضيء نفسه يقرأ لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مع الرئيس الأمريكي ترامب يوم غد الاثنين، وهو الذي يتوج تاريخاً من العلاقة والتعاون الإيجابي، كما يمهد لمرحلة جديدة من العلاقة في ضوء مستجدات المنطقة والعالم. توقيت اللقاء مدروس، حيث يسبق اللقاء الخليجي- العربي -الإسلامي -الأمريكي في الرياض بنحو أسبوع، ما يؤكد أن سياسة الإمارات الخارجية هي سياسة المبادرة، وأنها اليوم رائدة وقائدة بكل المعاني والدلالات.
وفِي قمة محمد بن زايد- ترامب، ينتظر تناول قضايا المنطقة والعالم، بمكاشفة تتيحها طبيعة سياسة دولة الإمارات، وتوجهات الإدارة الأمريكية المعلنة تجاه قضايا المنطقة الساخنة، خصوصاً ما اتصل بإيران وسوريا.
الموقف الأمريكي المعلن تجاه هاتين القضيتين أكثر وضوحاً من موقف أو مواقف إدارة أوباما، وعالم اليوم المتسارع والمتغير بامتياز أحوج ما يكون إلى هذا النوع من المواقف والسياسات الواضحة. دفن الرؤوس في الرمال لا يؤدي إلا إلى المزيد من الغياب وعدم الرؤية، وبالتالي التأجيل والتردد والتذبذب وعدم اتخاذ قرار، وهو ما أتاح المسافة الأوسع لتدخلات إيران غير المشروعة في المنطقة، حتى تمكن متحدثوها الرسميون من الكلام عن سيطرة طهران على أربع عواصم عربية، الأمر الذي كاد أن يتحقق، في الحقيقة لا المجاز، لولا عاصفة الحزم متبوعة بعملية إعادة الأمل، بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، وبمشاركة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة وتضحياتها في سبيل إعادة الشرعية إلى اليمن، والوقوف، في وجه الأطماع الإيرانية البغيضة، ويأمل الخليجيون في موقف خليجي وأمريكي موحد من إيران، الجار المزعج الذي يبني سياساته على إدارة الأزمة وإثارة البغضاء، بينما جيرانه، وفي الطليعة دولة الإمارات، مشغولون بتحقيق السلام والتنمية.
بالنسبة إلى سوريا، فمن المؤكد أن موقف الإدارة الأمريكية السابقة المتذبذب من سوريا ونظام بشار الأسد، الموقف المتناقض بين التصريحات والأفعال، أسهم في تعقيد الوضع السوري المتأزم، وكان دائماً هناك خطأ في القراءة ترتب عليه خطأ المعرفة واتخاذ القرار، بينما اتضحت سياسة أمريكية ملائمة أكثر لمواجهة طغيان النظام السوري، حين بادرت واشنطن إلى قصف قاعدة الشعيرات بالصواريخ، في رد سريع ومحدد على إطلاق السلاح الكيماوي على خان شيخون من تلك القاعدة.
خطأ القراءة، وبالتالي خطأ المعرفة واتخاذ القرار كررته إدارة أوباما إزاء موضوع التطرّف والإرهاب في المنطقة، حيث أدت سياستها إلى تغذية وتنمية تيارات بعينها محسوبة عَلى الإسلام السياسي خصوصاً تنظيم الإخوان المسلمين، كما أن تنظيماً مثل «داعش» الإرهابي وجد في السياسة الأمريكية المبنية على الغفلة والانتقائية السلبية بيئة خصبة للامتداد والتغول حتى سقوط الموصل، في ظل حكومة عراقية حليفة خيارها الأول طائفي بغيض.
يتوقع، إلى ذلك، الحديث في الشأن الليبي خلال لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد والرئيس ترامب، خصوصاً مع الجهود الحقيقية والمتعاظمة التي بذلتها وتبذلها دولة الإمارات، نحو إنهاء النزاع، ومواجهة الإرهاب، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وكان آخر تجليات تلك الجهود اللقاء الناجح في أبوظبي بين القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج.
«مفاتيح» قمة محمد بن زايد – ترامب تعلم من مشتركات سياسة البلدين، وهناك أيضاً التبادل التجاري والاستثماري الذي يطمح البلدان إلى زيادته وتعميقه في المرحلة المقبلة، وهي مرحلة تحث فيها دولة الإمارات الخطى نحو إكسبو عشرين عشرين، وإلى استحقاق العام 2021 الذي تحتفل فيه الإمارات بمرور خمسين عاماً على الإستقلال والتأسيس، كما بوصول «مسبار الأمل»، وللاسم رمزيته البهية، إلى المريخ.
الإمارات، بما تقدم أو تطرح، شريك اقتصادي وسياسي مفضل لكل الدول وأولها دول العالم المتقدم، وإذا كان ذلك مضمون اتصالات ومكالمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة المتبادلة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي لم يخف إعجابه بأنموذج الإمارات منذ حملته الانتخابية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.
المزيد من تحقيق منفعة ومصالح شعب الإمارات وشعوب المنطقة والأمة العربية. ذلك هو المأمول من قمة محمد بن زايد – ترامب غداً، وهو ما ينتظره الإماراتيون والخليجيون والعرب جميعاً، وهم الذين يعرفون محمد بن زايد، ومدى حرصه على خدمة حاضر ومستقبل شعبه وأمته.
نقلا عن صحيفة الخليج