
فريهان طايع تكتب: سفاح المعمورة بين القانون والجريمة
هذه المرة، لم يكن الجاني تيكتوكر شهيرًا أو شخصية معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل محاميًا يُفترض أنه صاحب رسالة إنسانية. لكن فجأة، انقلبت موازينه الأخلاقية وأصبح قاتلًا متسلسلًا يسلب الأرواح، مدفوعًا بهاجس القتل الذي سيطر عليه.
الأمر الأكثر غرابة هو أنه كان يتمتع بسمعة محترمة وسط أهالي الإسكندرية، حيث عُرف بحبه لحقوق الإنسان، إلى أن قرر فجأة أن يعتدي على أبسط حقوق الإنسان: حق الحياة.
كانت زوجته السابقة أولى ضحاياه. بدافع الغيرة ولتفاصيل شخصية نشأت بينهما، اختار أن ينهي حياتها بشكل مأساوي. ولم يكتفِ بذلك؛ فالضحية الثانية كانت موكلته، التي لجأت إليه طلبًا للمساعدة القانونية، غير مدركة أن من توسمت فيه الأمان سيرتكب جريمة تقضي على حياتها.
استمر مسلسل جرائمه مع الضحية الثالثة، وهو محمد إبراهيم، مهندس وأب، حيث استدرجه إلى المحكمة عبر وعود بتقديم خدمات قانونية، ثم أقدم على إنهاء حياته ودفنه في شقة للتستر على فعلته الدنيئة. المأساة هنا أن المحامي تحول من رجل القانون إلى شخص يُلقب بالسفاح، تاركًا وراءه سلسلة من الجرائم التي ترعب الجميع.
ما يزيد الألم هو استمرار ذكر أسماء شخصيات تحمل مهامًا محترمة ظاهريًا ولكن كانت خلف الكواليس تُغلِّفها حقائق بشعة.
تذكرت قاضيًا قتل زوجته، وطبيبًا قتل صديقه أسامة توفيق بمساعدة محامية، وطبيب أسنان قضى على حياة زوجته ياسمين حسن. كانت لهذه القضايا تأثير عميق على النفس، خاصة قضية أسامة توفيق، ذلك الشاب الطيب البريء ذو المستقبل الواعد الذي انتهت حياته ظلمًا بسبب غياب الضمير لدى البعض.
اليوم تضاف قضية المحامي السفاح إلى سجل الجرائم البشعة. ضحاياه كانوا يبحثون عن العدالة من خلاله، لكنهم وجدوا أنفسهم هدفًا لخيانته المميتة. بعد القبض عليه وإحالته إلى النيابة العامة، يعمل المستشار أحمد الخولي رئيس نيابة المنتزه على تسريع التحقيقات لكشف ملابسات هذه الجرائم وتفاصيلها.
بتنا نعيش في مجتمع أشبه بغابة؛ يلزمنا الحذر من كل شخص حولنا. لا يمكننا التنبؤ بما تُخبئه النفوس أو العقد النفسية التي يعاني منها البعض.
الحقيقة المؤلمة هي أننا أصبحنا محاطين بعدد متزايد من الأشخاص غير المستقرين نفسيًا الذين يتحركون بيننا بلا وعي منا لخطورة وجودهم.