نون والقلم

فتوح الشاذلي يكتب: رسالة لإسرائيل

لم يكن مجرم الحرب نتنياهو وحده في الحرب.. ولم يدخل جيش الاحتلال المعركة منفردا.. ولكن أمريكا كانت حاضرة ومن ورائها أوروبا.. بالمال والسلاح.. بالعدة والعتاد.. بالدعم المادي والمعنوي، بالدعم اللوجيستي غير المحدود.

بكل أنواع الدعم وقفت أمريكا وأوروبا خلف العدو في حربه على الأبرياء العزل في قطاع غزة.. باختصار فإن المجتمع الدولي الذي خذل العرب والمسلمين كان إما مساندا بكل ما أوتي من قوة أو داعما بالصمت على المجاز وهو ما يعنى منح الضوء الأخضر للمزيد من الدماء.

ورغم كل هذا يقف نتنياهو بقلب يرتجف.. يسيطر عليه الخوف والرعب من المستقبل.. ليس مستقبله هو فحسب.. بل مستقبل الكيان الصهيوني نفسه على المدى البعيد حتى بعد أن يرحل هو ومن معه من القادة المجرمين.

ونتيجة لحالة الرعب والخوف هذه خرج علينا نتنياهو بتصريحات منذ أيام تترجم الواقع الذي يعيشه.. فقد قال إن حكومته ستعمل على صياغة مختلفة للسلطة المدنية في غزة بعد الحرب للتأكد أنها ستعلم الأطفال التعاون معنا.

ولأن نتنياهو والقادة الإسرائيليين عموما أغبياء، فالمطلوب منهم أن يستمعوا إلى الأذكياء ورسائلهم التي جاءت واضحة لا لبس فيها في هذا الشأن.. فمثلا عليهم أن يقرأوا جيدا رسالة الملياردير العالمي إيلون ماسك التي أرسلها عبر لقاء في بودكاست مع رجل الأعمال الأمريكي ليكس فريدمان.

قال ماسك: إذا كنت على وشك أن ترتكب إبادة جماعية بشكل صريح ضد شعب بالكامل وهذا شيء لا يمكن قبوله، فسوف تتركون خلفكم الكثير من الأحياء الكارهين لـ إسرائيل مقابل كل عضو تقتله من حماس. إذا قتلت شخصا ما في غزة فقد صنعت على الأقل العديد من أفراد حماس الذين هم مستعدون للموت فقط لقتل إسرائيلي واحد.

مقابل كل عضو تقتله في حماس كم صنعت، وإذا صنعت أكثر مما قتلت فإنك لم تنجح.

إنها رسالة من شخص ذكي وناجح، استطاع أن يتربع على عرش المليارديرات في العالم بذكائه وحكمته.. لقد لخص الرجل المشهد في عبارات واضحة وقوية وهي أن القضية لن تموت، وإذا قتل الصهاينة فردا واحدا من حماس فإن هناك آلافا آخرين مستعدين لبذل أرواحهم مقابل قتل إسرائيلي واحد.

هذا ما قاله ماسك.. وإذا أراد مجرمو الحرب أن يستوعبوا رسالة ماسك أكثر فعليهم أن يرجعوا إلى التاريخ.. فلهم في أسلافهم عظة وعبرة.. وما تاريخ السفاح شارون ومن قبله رابين عنا ببعيد.. لقد ارتكبوا المجازر الواحدة تلو الأخرى وحاولوا بكل الطرق القضاء على المقاومة سواء في الضفة أو غزة.. ولكن ماذا كانت النتيجة هلك رابين وشارون وكل مجرمي هذا العصر وبقيت المقاومة صامدة، تدافع عن الأرض والعرض والمقدسات، وبقي الوعى حاضرا، وبقيت القضية ترويها دماء الشهداء.

والآن نقول لمجرم الحرب نتنياهو.. ربما تكون قد نجحت في أن تهدم الحجر بعد أن أزلت من الوجود أحياء كاملة من المباني الخرسانية باستخدام قنابل تزن مئات الأطنان، ربما تكون قد نجحت في هذا، ولكنك أبدا لن تستطيع أن تهدم البشر.. أبدا لن تستطيع أن تمس العقيدة الراسخة بأنكم قتلة وسفاحون ومصاصو دماء. أبدا لن تستطيع أن تمس الثوابت ومفادها أنكم إلى زوال، ويوما ما ستدفعون ثمن ما ارتكبتموه من جرائم.

ربما تكونون قد نجحتم في هدم الحجر، لكنكم أبدا – لم ولن- تستطيعوا أن تهدموا البشر، فأطفال اليوم الذين هم أبطال الغد لا يحتاجون سوى رسالة تذكرة فقط، أما الهدف الذي لا يفارقهم وهو تحرير الأرض والمقدسات والثأر للشهداء فهو حاضر لا يغيب أبدا مهما طال الزمان.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

زر الذهاب إلى الأعلى