اخترنا لكنون لايت

شاهد.. أجمل جارية حكمت لـ37 عامًا

يصفها المؤرخ التركي، يلماز أوزتونا قائلا ” انها أجمل جارية كانت ذكية إلى درجة استثنائية، ماكرة ومراوغة، أستاذة في صنع خطط سياسية ومؤامرات متعددة الوجوه، كانت تُعنى بإرضاء الشعب، لذا تركت خلفها مؤسسات خيرية كثيرة العدد إلى درجة لا يستوعبها العقل، ثروتها الضخمة جداً انتقلت إلى الخزينة العامة للدولة فأنعشتها”.

“كوسم سلطان”.. أشهر سلطانات الدولة العثمانية التي حكمتها فعليا في عام 1617، مارست نفوذها بصورة غير مسبوقة ، ووصلت إلى قمة المجد والسلطة في الدولة العثمانية في مشهد استثنائي، وهي أكثر سيدة احتكرت منصب “السلطانة الأم” خلال مدة سلطنة ابنيها “مراد الرابع، وإبراهيم الأول”، لفترة امتدت لربع قرن، وكانت نائبة السلطان لابنها “مراد الرابع” ثم حفيدها “محمد الرابع” لما يقارب 12 عاما، فتجمع بين يديها سلطات واسعة مكّنتها من أن تكون ضلعا أساسيًا في السياسة العثمانية في النصف الأول من القرن الـ17 الميلادي.

وعندما وصلت إلى سن 15 عاما من عمرها، أصبحت من أهم الشخصيات المفضلة عند زوجها أحمد الأول وأثرت عليه بذكائها، لكن حياتها تغيرت عندما فارق زوجها السلطان «أحمد الأول» الحياة قبل بلوغه سن الـ30، لأنها لم تهتم بالتدخل المباشر في أمور السياسة للدولة العثمانية، أيام سلطنة زوجها “أحمد الأول”، إلا أنها بعد وفاته لم تكف عن لعب أدوار سياسية شديدة التعقيد في ظل واحدة من الفترات السيئة في تاريخ الدولة العثمانية، فأظهرت عشقها للسلطة الذي لم يقل يوما بعد أن رفضت أن يلي السلطنة الأمير «عثمان» ابن ضرتها وعدوتها “خديجة ماه فيروز”، خوفا من ضياع فرصة ابنها الأمير «مراد الرابع» في الحكم، الذي كان وقتها لا يزال طفلا صغيرا.

فضلت “كوسم سلطان” أن تستعين بأخو زوجها الأمير «مصطفى» الذي لم يكن راغبا في ارتقاء العرش، بل كان يريد الهرب بعيدا، خاصة أن معظم رجال الدولة لم يقتنعوا بشخصية الأمير «مصطفى»، المعروف بخفة عقله وطيشه، ولم يكن الأمر إلا مجرد اتفاق بين السلطانة  ورجال الدولة على تصعيد الأمير «مصطفى»، لإتاحة الوقت أمام السلطانة لتحسم أمرها مع كبار قادة الجيش المنقسمين حول أيّ من أبناء السلطان «أحمد» أحق بولاية العرش، هكذا وصل السلطان «مصطفى» إلى سدة الحكم، كأول أخ يلي السلطنة بعد أخيه في التاريخ العثماني.

ولم تكن «كوسم سلطان» وحدها في هذا التدبير، بل شاركها فيه قادة فرق الانكشارية أصحاب الكلمة العليا في إسطنبول آنذاك، الذين أقروا تقاسم السلطة بانفرادهم بإدارة الدولة والحجر على السلطان الجديد، فيما تطلق يد السلطانة «كوسم سلطان» داخل الحرملك لتصبح سيدته الأولى بلا منازع، لتدشن بذلك سيادتها في الحرملك، وعند بلوغها عمر 28 عاما، كانت «كوسم سلطان» قد أوجدت لنفسها مكانا في السلطنة العثمانية، فكانت تدير جلسات الديوان وكان لها دور خاص في الحكم العثماني، لتصبح أحد واضعي السياسية العليا للدولة العثمانية على مدار نصف قرن تقريبا.

وتحققت رغبة السلطانة الأم ونجحت المؤامرة في إزاحة ابنها السلطان «إبراهيم» من فوق العرش، وأعدم بعد عزله بـ10 أيام في 18 أغسطس 1648م، ولم تكتف بخلع ولدها بل سلمته إلى الجلاد ليقتله، عرفت كيف تنتقم من ابنها الذي هددها يوما بالنفي في حالة استمرارها في التدخل في شؤون الدولة.

وتحقق حلمها بالحصول مجددا على منصب نائب السلطان بصلاحيات غير مسبوقة، بعدما تم تعيين ابن السلطان القتيل، الطفل «محمد الرابع» الذي لم يبلغ بعد الـ7 من عمره، سلطانا على أقوى دولة في العالم، وحصلت والدته «خديجة تارخان»، التي كانت تكره «كوسم سلطان»، على لقب «السلطانة الأم».

زر الذهاب إلى الأعلى