نون والقلم

سعاد خليل تكتب: الأساطير.. الاستلهام والدلالة

تعتبر الأسطورة من أهم أشكال الأدب الشعبي، بمعني أهم اشكال التعبير القولي في الأدب الشعبي. كونها ليست قصة عادية تروي، او حكاية يتداولها الشعب في امسياته، لتمضية الوقت بل انها بقوامها المتكامل المستوعب للكلمة الحرة والاشارة وتشكيل المادة ، هي جماع التفكير والتعبير عن الانسان في مراحله البدائية القديمة ، الامر الذي لم يبق بعده شك في ان نشأة الدراما – كما نعرفها اليوم جاءت عن الشعائر والطقوس التي تفسرها الأسطورة ، والتي كانت محل ايمان بلا نقاش واعتناق بلاد تردد من كل افراد المجتمع ، وحيث كانت تحمل في طياتها خبرته الحياتية وتصوراته لما يدور حوله ، بما يحفظ توازنه داخل الجماعة ، وبشكل المضمون الخفي للأفكار الجماعية .

كما هو معروف عن الأسطورة كونها تحكي عن خلق الانسان والحيوان والأرض، كما تحكي عن كيفية اكتساب حيوان ما لصفاته، مثلا : لماذا يكون الخفاش اعمي ،ولماذا يطير فقط ليلا . كما تفسر أيضا الظواهر الطبيعية من برق ورعد وامطار وعواصف.

كتب فاروق حسان عن الأسطورة دراسة قصيرة يقول فيها تبدو الاساطير للباحث على انها نمط من المعتقدات التي يصعب تصور حدوثها. فالباحث يواجه منذ البداية موقفا يبدوا متناقضا لأول وهلة ، فهو يجد من ناحية ان الأسطورة تتضمن افعلا متباينة ، بحيث لا يكان يستبين فيها أي نوع من المنطق او الاستمرار او الاطراد.. كما ان الشخصيات تتشكل بشكال كثيرة تجمع بين صفات وخصائص متباينة وتتراوح بين الخير والشر، أي ان كل شيء ف الإمكان حدوثه مهما بداء غريبا .

وموضوع الأسطورة متباين كذلك ومتنوع، وان كان في مجمله يحكي عن الهة او انصاف الهة، او عن كائنات لها قدرات خارقة، اكسبها الانسان من صفاته الشيء الكثير، ويدور أي الموضوع حول التفسير بمنطق الانسان لظواهر الكون الطبيعية والنظام الاجتماعي.

اما الصراع والدراما في الأسطورة فقد تكون بين الالهة بعضها البعض، او بين الانسان والالهة ، وهو يبدا ويستمر وينتهي لصالح قيمة عقائدية ، يحاول الانسان التمسك بها مكونا (بنية ) القيم العقائدية او الاجتماعية التي تسود المجتمع وتحدد العلاقات المختلفة بين افراده.

كما تلعب الأسطورة الأوروبية دور كشف الستار عن عماق النفس وتطلعاتها. وتلك هي ا لدلالة الواضحة لتلك الاساطير الاصيلة: شفوية شعبية كانت ام أدبية مدونة مثل : دون خوان ، دون كيثوت ، هملت ، فأوست ، وكلها تدور حول شخصية تتصارع في نفسها مشاعر متناقضة ترفعها الي قمة البطولة حينا ، والي أعماق العبث حينا اخر.

وقد لاحظ الباحثون ثمة درجة عالية من التشابه بين اساطير الشعوب التي تفصل بينها مساحات شاسعة وحقبات زمنية طويلة. فهناك علاقة بين اوزوريس المصري وتيموز البابلي ويونيسيوس اليوناني. كما وحدوا علاقة اخري بين عنتر العربية وعشتار الفينيقية وعشتروت الاشورية البابلية. وفي الملاحم أيضا لوحظ نفس التشابه بين ملحمة الالياذة اليونانية وجلجامش السومرية الأصل، وهو تشابه يتعدى المواقف الي الشخصيات والأفكار الرئيسة.

وقبل ان نستطرد، يطرح تساؤل نفسه : ما هي الأسطورة؟

الواقع انه في العلوم الإنسانية عامة لا تكاد توجد احكام مطلقة تتوافر لها الصحة الكاملة، واغلب ما يمكن الوصول اليه هو الاجتهادات العامة التي قد تخطيء او تصيب وان كان بعضها في أحيان قليل ة يحظى باتفاق عام.

ومثلا: ما هي الثقافة؟

اننا عندما نطرح هذا التساؤل نفاجأ بتباين الإجابات وتعددها حتى انه يمكن إحصاء مئات التعريفات لهذا المصطلح، وهي تعريفات متنوعة ومتناقضة ووافرة العطاء، لكنها ايضا كثيرة الغموض والتلون.

وكذلك الامر بالنسبة للأسطورة. فهي من اشد حقول المعرفة غموضا وضبابية علي وجه العموم. ويزداد هذا الغموض شدة في نظر القاري المعاصر لكونها تدور حول الهة وابطال غرباء عليه فهي عنده أسماء مجردة ومنفصلة عن علائقها الرابطة ..ومن هنا لم يفلح العلماء في ا يجد تعريف يتفقون عليه ، رغم كثرة ما كتب في هذا الموضوع .

لقد تعددت التعاريف بالنسبة للأسطورة طبقا للاتجاهات المختلفة، والمتتبع لمفهومها في المعاجم المختلفة سوف يجد تعدد هائلا في التفسيرات التي وضعها العلماء من مختلف الاختصاصات والاهتمامات.

ويؤطر (سنت اوجسطين ) غموض ذلك المصطلح بقوله :

ما هي الأسطورة؟ إني اعرف جيدا ما هي، بشرط الا يسألني احد عنها. ولكن إذا سئلت وأردت الجواب فسوف يعتريني التلكؤ.

ومع ذلك فسنقدم جزءا من اجتهادات المفسرين في تفسير معني الأسطورة، فقد نستطيع من خلال تلك التعاريف مجتمعة او منفصلة، ان نتعرف علي إجابة السؤال: ما هي الأسطورة؟

هي قصة مقدسة، يحاول الانسان فيها ان يحدد العلاقة بين حياته والكون الفسيح الذي يحيط به.

هي المادة الخفية التي ينبغي الرجوع اليها لمعرفة وفهم الجانب الخفي من حياة المجتمع.

وتعرفها (جين هاريسون ) التي تعتبر من اشهر واهم التخصصات في  ل دراسات الكلاسيكية بانها : حلم الفرد.

ويعرفها فقهاء ا لجمعية الفلسفية الفرنسية في معجمهم بانها: صورة لمستقبل خيالي قلما يمكن تحقيقه. يعبر عن مشاعر جماعة، وتخدم وظيفة الدفع نحو اتخذا موقف والاتيان بفعل ما.

مجرد قصص حكيت عن بعض الطقوس والشعائر ا لتي اختفت او في سبيلها للاختفاء ء، ومن ثم فهي لا تزيد عن كونها مناسك منطوقة.

وفي معجم ايروب وهو من أحدث المعاجم الفرنسية جاء انها قصة خرافية عادة ما تكون من اصل شعبية، تصور كائنات تجسد في شكل رمزي قوي الطبيعة وبعضها من جوانب عبقرية البشر ومصيرهم.

هي قصة تقدم تفسيرات لعلل التغيير الحادث ولكائن الظواهر الكونية وعلاقتها بالإنسان.

ويعرف معجم (فونك ) الأسطورة بانها قصة تبدو وكأنها حدثت فعلا في زمن سابق ، تفسر العقائد الميتافيزيقية وما وراء الظواهر الكونية والالهية والابطال  والسمات الثقافية والمعتقدات الدينية .

ابداع عبقري غير مصقول، تغلب عليه البساطة والسذاجة.

وننهي ذلك الزخم من التعاريف ما قاله ماكس مولر من انها تصور فترة من الجنون كان علي العقل البشري ان يتجاوزها.

اما التعريف اللغوي للأسطورة، فنقرا في (غريب القران) انها اباطيل وترهات وجمعها اساطير، ومفردها اسطورة واسطار.

يقول الاقفش : ان مفردها اسطورة ويقال هو جمع اسطار ،واسطار جمع سطر ، والسطر هو الشيء المؤلف المكتوب الممتد كسطر الكتاب . ويقول القشيري : مفردها اساطير وقيل هو جمع لا واحد مثل ابايل . من خلال ما سبق طرحه: نجد اننا امام لفظ متداول لكنه في نفس الوقت ، شديد المراوغة ، بحيث والاحتمال القائم ، يكون أي جدل حول هو في الحقية جدل بين اشخاص لا يتحدثون جميعا عن شيء واحد ، الا ان ذلك وفي كل الأحوال لا ينفي وجود الأسطورة كما انه لا يحط من شانها بعد ان صارت من الاعمال الأدبية التي بلغ من سلطانها ان وجهت دراسات السيكولوجيين والانثروبولجين والاجتماعيين توجيهات حاسمة وخطيرة .

نشأة الأسطورة ودلالاتها:

عندما طرحنا التساؤل الخاص بماهية الأسطورة. وجدنا أنفسنا حيال تعريفات متنوعة ومتباينة، وكأننا نسير في طرق التيه. تري : هل نفاجأ بنفس التباين عندما نسال : متي نشأت الأسطورة ؟

يجيب بعض الباحثين بانه ارتبطت ببداية الانسان او بدية البشر، وحيث كانون يمارسون السحر ويؤدون طقوسهم الدينية التي كانت – فيما يقال سعيا فكريا لتسير الظواهر الطبيعية.

وللوهلة الاولي تبدو الإجابة منطقية علي نحو ما. الا انها سرعان ما تتهاوي عندما نتبين ان الانسان الأول لم يحاول تفسير ظواهر الطبيعة لأنه كان لا يعرف لنفسه مجالا مستقلا عنها ، ولم يلفت انتباهه شيء منها ، لكنه بعد ان شب عن الطوق وامتلك قدرا من التحضر ، ادرك ان ثمة امور تحتاج الي المناقشة المفصلة .

ويفق كثير من الباحثين علي ان الأسطورة هي لون من الوان الحكاية الخرافية، بمعني ان اصلها خرافي ويعرفون الخرافة بانها مجرد شائعة أصبحت بمرور الأيام جزءا م تراث الشعب، وذلك قبل ان تتخذ شكلا فنيا لدي القصاص الشعبي، ومن المعروف ان الخرافة تحكي باللهجة العامية، اما الأسطورة فتروي باللغة العربية الفصحي .

اما من حيث الشكل فانه من الصعب وضع حدود او إيجاد فروق في الشكل والمضمون بين الخرافة والاسطورة ولعل هذا ما جعل ارسطو في كتابه فن الشعر لا يفرق بين الاثنين واستبدل بهما لفظة (الحكاية) وربما اتفق ذلك مع الاسم الاغريقي للأسطورة والمشتق من لفظة الكذب ، او بمعني اخر البعد عن الحقيقة .

ومن هنا فان علينا تقبل استخفاء انسان في جوف حيوان مخيف، او في كهف به حيوان مهول، ولا باس كذلك من ان يلقف ثعبان عروسة جميلة، او يتسلط مارد ما علي مدينة ويفرض عليها ان تقدم كل يوم عشر فتيات جميلات ليلتهمهن في وجباته الثلاث. او يقوم البطل برحلة الي عالم الموتى حيث يلتقي بمن كانوا على اتصال به في حياته.

ورغم اختلاط مصطلح الأسطورة بصورة مزجت بينهما خاصة عند فلاسفة الغرب المحدثين، فان لفظة الأسطورة تعد أكثر دقة ودلالة وتعطي ايحاء باننا امام شيء ابعد ما يكون عن الخرافة بكل دلالتها اللغوية والنفسية.

والدارس للأسطورة يجد انها ليس مجرد محفوظات شعرية عاطلة، كما انها ليست سلسلة من الاخيلة والاهام التي لا طائل تحتها ولا تهدف لشيء:

انما هي في جوهرها واصلها ثمرة جهد متواصل، وقوة ثقافية علي درجة كبيرة من الأهمية، انها ليست قصة تردد، ولكنها حقيقة حية كانت في اعتقاد المرددين لها انها قد حدثت في يوم من الأيام واستمرت منذ مراحلها الاولي تؤثر في العالم وفي مصائر الناس، وعاشت في طقوسهم وشعائرهم واخلاقياتهم، وتتحكم في معتقداتهم وضروب سلوكهم.

ان المفهوم العلمي للأسطورة يخرج بها عن النظرة البسيطة وهي كونها مجرد قصة تروي وتشير في خير حالاتها اني مغزي غالبا ما يكون أخلاقيا ويتخطى لك الحدود الي النظر اليها علي انه مؤشر حضاري، غالبا ما يكون أخلاقيا ، يتعامل مع الوجود الإنساني في انتشاره مكانيا واستمراره زمانيا .

فالأسطورة اذا توقفت عند حدود القصة المباشرة التي ترويها تحولت الي اداءة تسلية عابرة، تفقد الباعث الأساسي علي الاهتمام بها والابقاء عليه عن طريق التسجيل والرواية من جيل لآخر . وهو امر حرصت عليه الحقب القديمة كل الحرص، وكما يشهد علي ذلك الواقع التاريخي الذي أوصلها الينا.

وكما يقول (جلبير دوران ) ان ما يهم الأسطورة ليس مسار الاحداث وحده ولكن المعني الرمزي للألفاظ .. وتجد الإشارة الي ان لفظة الأسطورة تستخدم كناية عن شخصية حقيقية او خيالية تتخذ شكل البطل الاسطوري، كما تعني أيضا شيئا او شخصا لا وجود له، و للتعبير عن فكر ما او نظرية ما تصور البشرية في ماضي خيالي او في مستقبل خيالي تصويرا مثاليا، مثل (الفردوس المفقود) او (المدينة الفاضلة).

أنواع الأساطير

وقد صنف الباحثون الاساطير إلى :

أسطورة الخلق :

وهي الاساطير التي تفسر خلق العالم والكون ، وتعتمد اساطير الخلق المصرية أساسا علي الهة الطبيعة والسماء والأرض والريح والشمس النجوم.

الأسطورة الطقوسية:

وهي التي ارتبطت أساسا بعمليات العبادة، وعنيت بإثبات الجانب الكلامي من الطقوس قبل ان تصبح حكاية لهذه الطقوس ، وهناك من يقول بانها مأخوذة من التوراة ، ومن ثم ان هرقل اسما اخر لشمشون. والمارد ديكاليون الذي انقذه زيوس وزوجته من الغرب يوزي نوح ( عليه السلام )

كما يعتبر بعض الباحثين ان اسطورة ايزيس المصرية واحدة من هذا الصنف فثمة مواقف من الأسطورة تبرز تماما عند الترتيل الشعائري. وتصاحب النسوة ذلك الترتيل وهن يضعن دمية ترمز لاوزوريس الممزق يلقين بها في النيل احياء لذكري طرحه في الماء داخل الصندوق.

الأسطورة التعليمية:

يقال انها لم تجد مكانها الي الوجود الا بعد ان ظهرت فكرة وجود كائنات روحية خفية في مقابل ما هو موجود في الظاهر. ويبدو ان طائفة من رجال الدين استطاعت ان توهم الجماعة بانها علي اتصال بتلك الكائنات الروحية ومن ثم وجد السحر الذي اثار مع الروحانية الرغبة في التفسير.

الأسطورة الرمزية:

من الواضح ان ظهورها جاء في فترة تجاوز فيها الانسان مرحلة التساؤل وتعداها الي مرحلة التسلح ضد قوي الطبيعة من برق ورعد وامطار وعواصف. وكان سلاحه في ذلك هو تعاويذ الكهنة وسحرهم من ناحية، وقدر من أسباب المعرفة والتحضر، ساعدته علي درء واتقاء ويلات الطبيعة من ناحية اخري ..ومن المؤكد ان اغلب اساطير العالم المحفوظة اليوم تنتمي الي هذا النوع ، وفيها نري صفات الانسان تخلع بسخاء علي الالهة ، كما نري الانسان قادرا علي مواجهة تحديات السماء والانتصار عليها . وذلك واضح في اساطير الاغريق والمصريين والهنود.

ويطرح الدكتور عبد المجيد يونس رايا مغايرا بالنسبة للأسطورة الرمزية، حيث يري انه اذ ما أتيح

لها ان تدرس ، فان الدارس سيتحقق من انها ليست رمزا وانما هي تعبير عن مادتها الموضوعية .وانها ليست مجرد تفسير منطقي لإرضاء نزعة علمية لكنها بعث يتخذا الاشكال النفية الحقيقة البدائية .

يقول توماس بوليفينش ، ان الأسطورة الرمزية مجرد مجازات فهمت علي وجهها الصحيح ، كما انها فهمت حرفيا ، ومثال ذلك ما يقال ان ساتورن الذي يلته أولاده اخذه الاغريق واحالوه الي كرونوس أي الزمن الذي يأكل كل شيء .والواقع ان الاتجاهات الرمزية في تفسير الأسطورة كثيرة ومتشعبة وتختلف بالنسبة للأسطورة الواحدة من باحث لآخر ، حيث انه من الصعب امكان تفسير رمزي واحد لأي اسطورة بحيث يعتبر هو التفسير الصحيح بالضرورة .

الأسطورة التاريخية:

وقد يبدو هذا المسمى غريبا للوهلة الاولي، لأنه يعني اشتمال الأسطورة علي عنصر التاريخ المحقق من نحية ، ومن ناحية اخري ان بعضها يمزج بين التاريخ والاعمال الخارقة التي تنسب الي البطل الذي يجمع بين الصفات الإنسانية والقدرات الخارقة الإلهية .

علي اننا يحب ان نحتاط ونفرق بين بين ضربين من الاساطير:

الأول: ويعني بأبطال دخلوا التاريخ بالفعل، ولكن طمست أعمالهم كسيف بن ذي يزن ، ورولان ، وعنترة ، وهاملت ، وقاوست . بل لعل أعمالهم اختلطت بأعمال غيرهم من الغزاة الفاتحين .

الثاني: يعني بأبطال دخلوا اساطير الرموز من أوسع الأبواب مثل: اوديب واوليس وسيزيف .

التعامل الحديث مع الأسطورة:

الأسطورة ميراث الفنون وهي معين لا ينضب للأفكار المبدعة والموضوعات الممتعة. ومن ثم فهي تهب كل مبدع شيء انها لا تهيئ للمبدعين منهلا فحسب، بل انها أيضا تشجع علي تشييد اعمال خالدة.

ومن عقدين من الزمان قال بيير البوي ، ان الاسطورة أسلوب في التفكير بتلاعب بالواقع والحقيقة وانها سؤال يبقي بلا جوب محدد ،فتبقي دائما منتظرة لمتسائل جديد ولمفسر يستشف من ورائها معني من معاني الوجود .

وقال بواس في اخريات القرن الماضي، ان العوالم الأسطورية نبتت فقط لتشتت وتتبعثر وليقام فيما بعد عوالم اخري من الشظايا والشتات .

وهكذا صارت الأسطورة معينا لا ينضب للمبدعين المحدثين ليعبروا من خلال استلهامها عن أفكارهم وآرائهم بعد ان يحملوها برؤي عصرية، ودون ان يتعرضوا لملاحقة السلطات فشخصيات الأسطورة وحداثتها تمد ستار يختفي الكاتب وراءه ليقول ما يريد وهو متدثر بعباءة الخرافة وهو في مأمن من السجن او النفي ، نظريا علي الأقل .

فالكائنات الخرافية من الجان والاشباح والعفاريت والمردة، تغري المبدع باستلهامها واسقاط ما يريد عليها ، سواء كان ذلك شعرا ام نثرا ذلك لان الأسطورة حية متحددة . يمكن للخيال ان يثريها بمضامين جديدة بحيث تتلون بلون العصر شريطة ان يكون ذلك منطلقا من خطوطها العريضة التي رسمها الأقدمون.

فالأسطورة اليونانية مثلا كانت وما تزال تمثل معينا مستمرا للشعراء والمسرحين الغربيين ومن العرب.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 

زر الذهاب إلى الأعلى