الأخبارنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: دماء طالب الهندسة في رقبة من؟

قلوبنا تنفطر دموعا ليلاً ونهاراً بسبب وبدون سبب وتكالبت على كاهلنا الهموم والأحزان وضاقت علينا الدنيا بما رحبت، وباتت الشكوى جماعية بعدما أزالت الهموم والمحن الفوارق بين الطبقات فكلنا في الهم سواء.

وبات الموت يفجعنا كل يوم وتحولت صفحات السوشيال ميديا والفيسبوك على وجه الخصوص إلى صفحات عزاء مفتوحة تفجعنا من حين لآخر في زميل أو قريب أو عزيز، وبتنا نخاف متابعة صفحة الفيسبوك قبل النوم أو في الصباح الباكر خوفا من فقدان يُطير النوم من أعيننا مساء أو يحول بداية اليوم لكابوس.

الأمر رغم أنه يدعوا للكآبة إلا أن معظمنا بدأ يتعامل معه على أنه يدخل ضمن الأقدار، وأن موت الفجأة رسالة مفادها خطير لأصحاب القلوب التي تعي وتدرك أن العمر لحظة وأن الأعمار بيد الله وحده، وأن الموت لا يطرق الأبواب ولا يستأذن أحد.

لكن ما أحزنني حقاً وأصاب قلبي بغصة كبيرة النهاية المأساوية لطالب كلية الهندسة الذي قفز منتحراً من فوق برج القاهرة في لحظات على مرأى من الجميع، الأمر الذي أصاب كل المحيطين في المكان بالذهول والشلل التام والدهشة التي أخرست ألسنتهم ليتحول المكان بعد لحظات إلى عويل وصريخ.

الطالب أنهى حياته على طريقة الأفلام المصرية القديمة من أعلى مكان بالقاهرة، موجها رسالة للجميع ربما كشفت الأيام المقبلة عن فحواها، وإن كانت هناك بعض القصص والحكايات التي بدأت تتناثر هنا وهناك ولم تتأكد مصداقيتها حتى الآن، البعض يقول أنه كان يمر بحالة نفسية سيئة وفقا لزميله الذي كان يرافقه وقت الكارثة، وآخرون يسربون رسالة لأستاذ جامعي يقول أنه انتحر هروباً من نظام التعليم العقيم وغيرها العديد من الحكايات.

هناك رسالة خطيرة أعلن عن فحواها أستاذ بكلية الهندسة بجامعة حلوان، والتي كان يدرس فيها الطالب المنتحر..المدرس قال أن الرسالة وصلت من الطالب المنتحر عن طريق تطبيق صراحة الذي يخفي هوية المتصل، مؤكدا أنه ربط بينها وبين حادث الانتحار وأنها للطالب المنتحر..الرسالة الحزينة قطرت حروفها ألماً كاشفة عن نظام تعليم بالي وبيراقراطية تتحطم على صخورها الأحلام والآمال..وتحمل بين طياتها اعترافاً بأن صاحبها قرر الانتحار قائلاً«الكلية دي خدت مني روحي ونفسي وإيماني وعقلي وكل حاجة».

ويبقى السؤال..بعيداً عن الحلال والحرام والقيم الدينية..ما الذي يدفع طالب في كلية الهندسة إحدى الكليات المرموقة ليتخلص من حياته؟ والسؤال الأهم إذا كان بعض الشباب يرونه مستقبلا مأساوي فماذا عن الرجال والشيوخ؟ وهل تم تشكيل لجان موثوقة اجتماعية ونفسية وتربوية لتبحث فيما أثير من حكايات حول الانتحار؟

الأمر خطير ويتطلب أن يتم التعامل مع الكارثة بعيداً عن أنها عملية انتحار موثقة، وأن الطالب كان مكتئب، وأن جميع الحضور شاهدوه وهو يقفز في غفلة منهم…الأمر أبعد من ذلك فإقدام شاب على الانتحار لا يدق فقط ناقوس الخطر، وإنما يزلزل الأرض بأكملها بأن هناك كارثة لابد أن نبحث عن أسبابها ولا نتعامل معها على أنها حالة فردية، فمأساة هذا الشاب تمس جيل بأكمله لذا وجب علينا أن نعيد النظر لأمور محيطة كثيرة متعلقة بالتربية وتوفير سبل العيش الكريمة وأسلوب التعليم والبحث عن غد مشرق لأجيال شابت في عز الشباب وهرمت قبل الأوان.

باختصار..الرسالة واضحة والقضية باتت قضية رأي عام تتطلب محاكمة الجناة جميعاً الذين دفعوا طالب الهندسة إلى الانتحار، وإلا فإن المجتمع كله أصبح في دائرة الاتهام، ونأمل ألا يأتي اليوم الذي يكون فيه الانتحار هو الحل الوحيد لمواجهة مشاكلنا وأزماتنا التي لاتنتهي.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
  tF اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى