نون والقلم

سامي أبو العز يكتب: أخوة يوسف وعنب اليمن وبلح الشام

«ما طال بلح الشام ولا عنب اليمن» مثل عربي قديم كان يطلق على من فقد كل شيء ولم يعد في يده ما يستعين به على الإعاشة وسد الرمق أو مواجهة غدر الزمان، وكان يضرب بهاتين الدولتين المثل على الرغم من وجود دول أخرى عربية أكثر غنى إلا أنهما كانتا تمثلان مركزاً للقوة العربية وللحضارة والثروات والخيرات فما أن ينتهي موسم البلح في الشام إلا ويبدأ موسم العنب في اليمن ليتدفق خير الدولتان على بني العروبة والإسلام.

الوضع الآن في الشام واليمن يرثى له، وتحولت الجنان والسهول الخضراء إلى خراب ودمار ونزعت الفواكه وتحولت الأرض إلى مقبرة كبيرة بما حملت في بطنها مما تنوء عن حمله الجبال، وباتت السماء موقدة والأرض مشتعلة والشوارع مفخخة، وما من بيت أو أسرة إلا وفيها شهيد وأكثر، وهناك أسر وعائلات فقدت بأكملها وقرى اختفت من فوق سطح الأرض وبنىً تحتية دمرت وملايين الشهداء والجرحى والمصابين والمشوهين وآلاف المدارس والمستشفيات تحولت لأنقاض.

الشام واليمن ليستا فقط ما دمرا من وطننا العربي فقد سبقتهما العراق التي تكالب عليها أخوة يوسف وبايعوا الشيطان على تدميرها تحت حجة أسلحة الدمار الشامل وغيرها من الحجج البالية والنتيجة استنزاف خيرات البلاد وتحويلها لمقبرة مفتوحة ومأتم كبير ووطن ضعيف بعدما كان فخر العرب وقوتهم، ولحقتهما ليبيا العروبة بثرواتها الضخمة إلى الهاوية وتكالب عليها شياطين الغرب فأفسدوها وجعلوا أهلها فرقاً وشيعاً ونهبوا ثرواتها وخيراتها وكنوزها بمباركة أخوة يوسف الذين ساهموا في تدمير الشام واليمن.

ولا ننسى ما يتعرض له بنو العروبة وأشقاءنا في الجزائر التي باتت على شفى حفرة ونسأل الله لأهلها وشعبها السلامة، وكذلك ما يتعرض له الأشقاء في السودان الشقيق الذين نؤيد رغبتهم في إعادة تقرير مصيرهم بعد إزاحة الكابوس عن كاهلهم أملين عبورهم إلى بر الأمان بعد سنوات طوال من المعاناة والظلم.

تحولت خريطة وطننا العربي صاحب التاريخ البطولي إلى خارطة ممزقة مهلهلة بسبب تكالب الشيطان الأعظم وجنوده بخطط صهيونية منظمة هدفها ليس فقط إضعاف عروبتنا وتمزيق وطننا بل تحويله لدويلات ضعيفة متفرقة يسهل القضاء عليها، وللأسف دائما يكرر التاريخ نفسه ولانتعظ ولا نتدبر العبر لكن البعض يغالي في إشعال المأساة وتحويلها إلى كوارث تهدد ليس فقط مستقبل عروبتنا ولكن فكرة وجودنا.

ياسادة..سيدنا يوسف تجسد شخصيته كل دولة ضاعت وحرمة انتهكت وشهيد سقط وطفل يُتم وأم ثكلت..أما أخوة يوسف وهم كثر للأسف فيمثلهم المشاركون والمؤيدون والمنفذون والمتحالفون والمبشرون، أصحاب البصمات الواضحة والصفقات المشبوهة مع أولئك الذين فتتوا وحدتنا وأشعلوا أرضنا وصبغوا حياتنا بلون الدم وكسوا وطننا العربي بالسواد..وإذا كانوا أخوة يوسف كشف الله عن أعينهم الغمامة بعد أن اعتلى يوسف عرش الحكم ليتوبوا وينيبوا إلى الله..إلا أن أخوة يوسف المعاصرين لن يتمكنوا من التوبة لأنهم ببساطة لن يحيوا الموتى ولن يبعثوا من في القبور ولن يمهلهم القدر لأن النهاية في الغالب ستكون مختلفة وسوف يلتهم نفس الذئب أجسادهم النحيلة عندما يأتي عليهم الدور.

باختصار..حرمنا الله من بلح اليمن وعنب الشام ونفط ليبيا وكنوز العراق، بأيدينا وضعفنا ولأننا هنّا على أنفسنا فتكالب علينا الأعداء من كل صوب بدلاً من أن نتوحد لنرهب عدو الله وعدونا.

نبضة قلب: تزلزل الأرض وتبتلع جنانها وتبقى عيناك جنتي ومنتهى أحلامي

زر الذهاب إلى الأعلى