نون والقلم

رفيقة البيوت

عندما ظهرت «إم بي سي» قبل ربع قرن من لندن كانت تطلق صناعتين: الصناعة الفضائية وصناعة الإنتاج التلفزيوني كمنافس حقيقي لصناعة السينما. بعدها كرت سلسلة الفضائيات٬ رسمية ومستقلة٬ لكنها ظلت الأولى على الصعيد العربي٬ وظلت الأولى في الأرباح. أما في منافسة السينما٬ كما حدث في معظم العالم٬ فقد غطى الإنتاج الفني التلفزيوني إلى حد ما على أولوية الإنتاج السينمائي٬ وشاهدنا كبار النجوم العرب يلتحقون بأضواء الشاشة الصغيرة مثل يسرا٬ ويحيى الفخراني٬ وعادل إمام٬ إضافة إلى أن التلفزيون صار يصنع نجومه مثل نجيب الريحاني الجديد ناصر القصبي٬ وسلافة فواخرجي (أسمهان)٬ وتيم حسن (الملك فاروق). بعدما كان الإنتاج الفني وقًفا على القاهرة وبيروت٬ أنشأت «إم بي سي» «البعد الثالث». وقبل أن تتفرع عنها «العربية»٬ لعبت دوًرا ريادًيا على المستوى الإخباري أيًضا. وفي هذا «البعد الثالث» ضمت المجموعة موظفين وعاملين ووجوًها من سائر أنحاء العالم العربي٬ مشرًقا ومغرًبا٬ خلاًفا لـ«مصرية» القاهرة و«لبنانية» بيروت في تلك المرحلة. وبسبب «إم بي سي» نشط العمل التلفزيوني في بلدان لم تكن تهتم به كثيًرا من قبل٬ مثل سوريا٬ حيث أنتجت بعض أشهر المسلسلات. المفارقة في كل ذلك أن المؤسس الجديد ورائد الصناعتين كان سعودًيا. ولم تعتد الناس أن يأتي من السعودية خبراء مثل وليد الإبراهيم٬ الذي اعتقدت الناس في البداية٬ إنه يغامر برأسمال كبير في حقل مجهول ومعقد. لكن «المغامرة» تحولت إلى المشروع الأكثر ربحية ونمًوا في هذا المجال. وعن تصميم أو عفًوا٬ أصبح الإعلام السعودي٬ المرئي والمكتوب٬ هو «عروبة» و«دولية»٬ ما بين مجموعة «إم بي سي» و«الشرق الأوسط» و«الحياة». أولاً٬ من حيث نسبة العاملين وجنسياتهم٬ وثانًيا٬ من حيث مدى الانتشار. كان أول من «هاجر» إلى أوروبا الإعلام اللبناني٬ إذا صح التعبير: «المستقبل» و«النهار» في باريس٬ و«الحوادث» في لندن. لكن رغم نجاحها لم تصمد طويلاً. وتجاوبت «إم بي سي» إلى الدرجة القصوى مع متغيرات العصر وتقدم التلفزيون. وتشاهد بعض قنواتها بكثافة في بلدان غير عربية مثل الهند وإندونيسيا. ولمعت بسرعة هائلة في «حارة السقايين»٬ أي في قلب مصر٬ حيث يقول المثل الشعبي «جاي تبيع الميه في حارة السقايين». ما هي مشاريع وليد الإبراهيم بعد ربع قرن من كل هذه المواسم؟ لا يفصح٬ مكتفًيا بمحطة الكلام: إن شاء الله خير.

زر الذهاب إلى الأعلى