نون والقلم

رضا هلال يكتب: انتخابات نقابة الصحفيين.. معركة وعي في زمن الأزمة

في مشهد بات يتكرر كل عامين، تتجه أنظار الجماعة الصحفية اليوم نحو مبنى نقابتهم العريق الكائن بـ4 شارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة، حيث يخوض الصحفيون واحدة من أهم معاركهم الديمقراطية: انتخاب نقيب جديد وستة من أعضاء مجلس النقابة، وسط تحديات مهنية واقتصادية وسياسية غير مسبوقة.

لكن هذه الدورة الانتخابية تختلف عن سابقاتها في كثير من التفاصيل. فالأزمة التي تعصف بالمهنة بلغت ذروتها؛ المؤسسات الصحفية تتآكل بفعل التحديات المالية، أوضاع الصحفيين المعيشية تتدهور، وسقف الحريات يتراجع.

وسط هذه الأجواء، تصبح معركة اليوم ليست مجرد تنافس على مقعد أو مقاعد، بل صراعًا على هوية النقابة، وعلى دورها الحقيقي: هل تظل حائط الصد الأول للدفاع عن المهنة وحرية الرأي والتعبير؟ أم تنزلق إلى مجرد تقديم خدمات اجتماعية محدودة وسط أزمات متراكمة؟

صندوق الاقتراع.. أكثر من اختيار أشخاص

بين برامج انتخابية تَعِد بالدفاع عن الكرامة المهنية، وأخرى تركز على تحسين الخدمات والامتيازات، يقف الصحفيون اليوم أمام سؤال حاسم: أي نقابة يريدون؟

هل يريدون نقابة حرة مستقلة، تدافع عن الحريات حتى لو دفعت الثمن؟

أم نقابة خدماتية، تنكفئ على نفسها بحثًا عن مكاسب مادية وقتية؟

السؤال يتجاوز الأشخاص، ليلامس طبيعة الدور الذي يجب أن تلعبه النقابة في لحظة فارقة من عمر الصحافة المصرية.

حشد.. واستقطاب.. ومعركة إرادات

شهدت الأيام الماضية تصاعدًا لافتًا في الحملات الدعائية بين المرشحين. البعض استند إلى إرثه النقابي، وآخرون راهنوا على غضب القواعد الصحفية من التردي المهني والخدمي، فيما لجأ بعض المرشحين إلى خطاب الوعود السهلة، في محاولة لاستقطاب أصوات الباحثين عن مكاسب عاجلة.

ورغم احتدام المعركة الانتخابية، إلا أن القاسم المشترك بين أغلب المرشحين هو إدراكهم لحجم الأزمة التي تواجهها النقابة، وإن اختلفت مقارباتهم للعلاج.

الجمعية العمومية.. رهان اللحظة الفارقة

اليوم، تتحول الجمعية العمومية إلى اللاعب الرئيسي.

الرهان الحقيقي ليس فقط على صناديق الاقتراع، بل على وعي الصحفيين بأن اختيارهم لا يخصهم وحدهم، بل يرسم مستقبل المهنة نفسها.

الاختيار اليوم بين مشروعين

مشروع نقابة حقيقية، تقود معركة الدفاع عن حرية الصحافة واستقلالها.

أو مشروع نقابة خدماتية، تكتفي بإدارة الأزمة وتأجيل الانهيار.

مستقبل على المحك

بين مطرقة الأزمة الاقتصادية وسندان القيود السياسية، لم تعد نقابة الصحفيين تملك رفاهية الخطأ.

اليوم، تُحسم معركة البقاء.

فإما أن يستعيد الصحفيون نقابتهم كقلعة للدفاع عن المهنة والحريات،

وإما أن يتركوها نهبًا لمشاريع ضيقة تسحبها تدريجيًا إلى الهامش.

اليوم، يكتب الصحفيون بأصواتهم سطرًا جديدًا في تاريخ مهنتهم.

فهل ينتصر الوعي على الإغواء؟

وهل تختار الجمعية العمومية مستقبلها بوعي يليق بعراقة صاحبة الجلالة؟

الجواب.. في الصندوق.

redahelal@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى