
الصالحون في رمضان لهم وضع خاص بهم، باعتبارهم القدوة التي نسير على نهجهم، طالما يسيرون على النهج المحمدي.
وأعتقد أن تتبع سير الصالحين وأحوالهم في رمضان وغير رمضان، أمر محبب إلى النفس وقريب منها، كونهم بشر مثلنا وليس لهم ميزة سوى أنهم التزموا وطلقوا الدنيا بما وبمن فيها، وأصبحوا كما يبدوا لنا أنهم من عباد الله الصالحين الذين يجب علينا أن نتأسى بهم ونسمع لنصحهم.
ولذا هنا سأورد بعضا من أحوالهم في رمضان لعل وعسى أن نستطيع الالتزام كما التزموا، والعمل كما عملوا، والتعبد إلى الله كما تعبدوا وايضا نحبهم، فحبهم عبادة وشفاعة.
حرص السلف الصالح رحمهم الله على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، فكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتينٍ، ومثله سعيد بن جبير .
أما مالك بن أنس كان إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكذلك كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.
كان زبيد اليامي رضي الله عنه وأكرمه بكرمه إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه.
كما كان الوليد بن عبد الملك يختم في رمضان سبع عشرة ختمه، أما قتادة فكان يختم القرآن إذا جاء رمضان كل ثلاث ليالٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ.
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة
وكان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.
وحال حافظ الحديث النبوي الشرير الأول في الأمة كلها على مر العثور والأزمان الإمام البخاري أنه يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة
وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب (تاريخ دمشق): وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، ويختم في رمضان كل يوم ختمة.
هذا هو حال الصالحين مع القران فكيف حالنا نحن؟
يقول الله تعالى في سورة البقرة «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن استطاع منكم أن يصوم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشکرون»
فشهر رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وهو الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن كما تحدث ليلة القدر في هذا الشهر أيضاً. وفي تفسير البرهان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أنزلت الكتب السماوية كلها في شهر رمضان شهر رمضان هو أفضل شهور الله.
فالقرآن الكريم هو طعام هذا الشهر وهو غذاء الروح، وهو ضروري للنمو الروحي.
وغدا يجمعنا لقاء جديد مع ومضة رمضانية أخرى.