نون والقلم

د. سمير محمد أيوب يكتب: يا أمة ضحكت وما تزال من جهلها الأمم

أتباع التلذذ بشرب بول البعير، وغمس الذباب في الطعام، هم الأكثر جدلا وجهلا في خلق الله، مصرون هذه الأيام، على البقاء مكبا لنفايات خلق الله  وسخريتهم .

قبل أيام، وأمة العرب تغرق في التهميش، وبأمس الحاجة لمواكبة الحداثة والتنوير في كل شيء، رحل إلى خالقه عالم جليل وهو بكامل عطائه. اجتهد في حياته. وأبدع في استخدام عقله، للإنصات للقرآن الكريم والسنة النبوية المؤكدة الثبوت. تفكر وتدبر المباني والمعاني. أنصت مطولا وعميقا وبإخلاص لتلك النصوص، لتقصي المقاصد الربانية في الاستخلاف في الأرض . فوصل إلى ما لم يتمكن احد من المتفيهقين أن يتجاوزه أو يدانيه .

وما أن أعْلِنَ نبأ رحيل العلامة المجتهد، الدكتور محمد شحرور، حتى نعق ناعقون، يسألون ويتساءلون بقبح مقزز، إن كان من الجائز الترحم عليه. يسالونك ويسألونه، ويصرون بجهل مقيت، وكذب وتكاذب بيِّنٍ، وبهتان لا يليق بروح العلم والعصر والإيمان والخلق. متناسين تعمدا أن رحمة الله تسع كل شيء . وان الله سبحانه وتعالى، هو رب كل الناس وإلهُهُم، وأن الراحل كان على مدار سنوات طوال، قد اجتهد وحقق ودقق وقال . وأعلن حجته فيما قال علنا، بعديد الدراسات والأبحاث المنشورة في بطون أمهات الكتب، ومن فوق العديد من  منصات العلم الجاد الملتزم، ومنابر المؤتمرات والندوات والبرامج المسموعة والمرئية، بلا وسوسة أو سفسطة أو تأتأة  .

وأنا أنصت لبهتان هؤلاء اللعانين، وأمثالهم وأتباعهم والمشايعين لهم،  تذكرت نصا كان قد استوقفني وأنا أنصت له، أورده فيما يلي لأنه يشي بحق بهؤلاء اللعانين من قوى الشد العابث بعصرنة فهمنا للمقاصد الربانية في الإيمان وفي أمور دنيانا .

منذ ألف وأربعمائة عام، عاشوا في البراري، ناموا في المضارب، أضاءوا لياليهم بإشعال الزيت والحطب . لم يعرفوا غير الرعي والسبي والغزوات . تقاتلوا، تحاربوا ، تناحروا ، وتزاوجوا .

منذ ألف وأربعمائة عام، تركوا لنا قصصا وسِيَرا ذاتية، وأحاديثا ونصوصا بشرية، قالوا إنها مقدسة كما قال الذين من قبلهم . يتوجب علينا أن نفكر كما كانوا يفكرون، أن نلبس كما كانوا يلبسون، أن نعيش كما كانوا يعيشون، أن نقاتل كما كانوا يقاتلون .

بعد ألف وأربعمائة عام من التزوير، يطلبون منا أن نصدق كل ما وردنا منهم، ونحن نشهد الكثير من التزوير الحاضر .

ألف وأربعمائة عام من التمترس خلف شخصيات وحكايات لا نعرف شيئا عن حقيقتها، يتوجب علينا أن لا نخرج من عباءاتهم، وأن نقتدي بهم، وأن نمتثل لهم، وأن نتعلم منهم، وأن ننتقم لهم .

ألف وأربعمائة عام، من الدعاء على اليهود والنصارى، لتشتيت شملهم ولم يتبق لنا شمل . ولتدمير أوطانهم ولم يتبق لنا أوطان . لسبي نسائهم، ولم تسبى إلا نساؤنا .

نقول بمثل ما كان يقول المجتهد الدكتور محمد شحرور: أيتها الأمة النائمة، إن من تدعون عليهم صبح مساء، قد وصلوا إلى الفضاء، وناموا على سطح القمر والمريخ. وشطروا الذرة والنانو . جزءوا الثانية واخترعوا الثورة الرقمية، وأنتم لم تفلحوا إلا بثورة الأعضاء التناسلية. وتتدارسون حتى اليوم طريقة دخول المرحاض، والكلب الأسود ونهيق الحمار، وجواز تهنئة المسيحيين في أعيادهم أم لا .

وعندما اجتهد بعض علمائكم، دبجوا المطولات والمعلقات في جهاد النكاح، وسفاح القربى، وإرضاع الكبير،  ووداع الزوجة الميتة. وسوّدوا صحفا في الطريقة السليمة لنكاح المرأة والبهيمة .

أيها النائمون في هذه الأمة، ألا يحق لعقولنا أن تتأثر بهذا الفيض من المعارف والعلوم والتكنولوجيا التي تحيط بنا ؟ وهل يتوجب على عقولنا أن تبقى رهينة حبيسة زبدكم منذ ألف وأربعمائة عام ؟  ثقوا يا عُبَّاد الكثير من أهوائكم، أنكم عندما تكرسون الخيول لفلاحة الأرض، والحمير في مضامير السباق،  فلن نجني وإياكم خيرا، ولن نكسب بكم رهانا ..

نعم، إنني ممن يترحمون على العالم المعاصر الجليل محمد شحرور، وممن يكثرون . وسأبقى مع الملايين من المنصفين المنحازين لعقولهم في فهم إيمانهم وشؤون دنياهم، نسأل الله الرحمة للفقيد الإنسان – العالم ، ولروحه السلام . ولمن في قلوبهم مرض وأقفال أزاغ منهم البصر، نسألهم ألا تفقهون ؟!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

tF اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى