نون والقلم

د. إيمان علاء الدين تكتب: مصر.. استراتيجية التأثير الدولي والشراكات التنموية

تبنت الدولة المصرية سياسة التأثير الإيجابي على المستوى الدولي، حيث تتميز علاقاتها الخارجية بالتنوع والتفاعل مع مختلف الأطراف. تشمل هذه العلاقات مجموعة واسعة من القضايا السياسية، الأمنية، الاقتصادية، والثقافية.

من صياغة الرؤى الاستراتيجية إلى تنفيذها، ومن تحديد الأهداف إلى تنويع الوسائل، ومن بناء الرسائل إلى تقييم النتائج، تسعى الدولة المصرية إلى تعزيز تأثيرها. فهي تعمل على تحليل الوقائع لتعزيز التأثير، بناء العلاقات وتوسيع شبكاتها، وإدارة الموارد بكفاءة. كما تواجه التحديات عبر الحلول المبتكرة وتسعى لزرع الأفكار وجني ثمارها، مع التركيز على إطلاق المبادرات وتتبع تقدمها وصولاً إلى التميز.

تجسدت هذه الرؤية في زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا للمشاركة في احتفالات عيد النصر بموسكو. وفقاً للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة، عقد الرئيس جلسة مباحثات موسعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدايةً بترحيب بوتين بمشاركة مصر في الحدث كدليل على العلاقات التاريخية بين البلدين.

عبّر الرئيس السيسي عن التقدير للشراكة الاستراتيجية الممتدة منذ توقيع اتفاقية عام 2018، وأشاد بالزخم الحالي في العلاقات الثنائية، التي تشمل مشروعات كبرى مثل المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس ومحطة الضبعة النووية.

واتفق الزعيمان على تعزيز التعاون في الطاقة، الأمن الغذائي، الزراعة، والصناعة، بالإضافة إلى زيادة أعداد السائحين الروس إلى مصر وترويج مقاصد سياحية جديدة. كما تم الاتفاق على تنسيق الجهود الدولية، بما في ذلك داخل إطار تجمع البريكس.

تناولت المباحثات القضايا الإقليمية والدولية، مع التركيز على الأوضاع في الشرق الأوسط وقطاع غزة. عرض الرئيس السيسي الجهود المصرية لتحقيق هدنة في القطاع وإطلاق سراح الرهائن والأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية.

كما شدد على ضرورة حل القضية الفلسطينية بإقامة دولة مستقلة على حدود 1967. من جانبه، أشاد بوتين بدور مصر الإقليمي ودعمها للسلام وإعادة إعمار غزة.

كما تناولت المحادثات تطورات الوضع في سوريا وليبيا والسودان، إلى جانب الوضع الروسي الأوكراني، حيث أكد الرئيس السيسي موقف مصر الداعم للحلول الدبلوماسية بما يضمن السلم والأمن الدوليين.

على هامش زيارته لموسكو، تبادل الرئيس السيسي أحاديث ودية مع قادة الدول المشاركين، بمن فيهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث رحب الطرفان بهذا اللقاء.

وعلى صعيد آخر، سبقت زيارة روسيا زيارة رسمية لليونان، حيث اجتمع الرئيس مع نظيره اليوناني ورئيس الوزراء. جرى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، النقل، والربط الكهربائي بين البلدين. تناول اللقاء المستجدات الإقليمية والوضع في الشرق الأوسط وسوريا وليبيا.

خلال الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين مصر واليونان، استعرض الجانبان المشروعات المشتركة الكبرى مثل مشروع الربط الكهربائي الذي يُعد خطوة استراتيجية نحو نقل الطاقة النظيفة من مصر إلى أوروبا عبر اليونان. كما ناقشا التعاون في التكنولوجيا وريادة الأعمال والهجرة المنظمة واستقدام العمالة الموسمية.

تؤكد هذه الزيارات والجهود على رؤية مصر لتعزيز دورها الدولي وتحقيق الشراكة الفاعلة مع مختلف الأطراف لتحقيق المصالح المشتركة ودعم الاستقرار والتنمية.

أبرز السيد الرئيس خلال الاجتماع أهمية مجلس التعاون باعتباره خطوة محورية تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين وتسهم في تقوية التواصل والتنسيق بشأن القضايا المشتركة.

كما شدّد على دور المجلس في دعم التعاون الاقتصادي والتنمية المتبادلة، وتبادل الخبرات، وتحقيق التكامل في قطاعات حيوية تشمل النقل، البيئة، الأمن البحري، التعليم، الصناعات التحويلية، والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تناول التعاون في مجالي مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، مستفيدًا من التجربة المصرية الرائدة والناجحة في هذين المجالين.

وجاءت كلمة فخامة الرئيس خلال المؤتمر الصحفي جامعة وشاملة، حيث عكست عمق العلاقات التاريخية بين مصر واليونان، وأكدت على الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين. كما أشار فخامة الرئيس إلى العلاقات الوثيقة التي تربط الشعبين المصري واليوناني، والتي تشكل دعامة أساسية للتعاون الاستراتيجي المشترك.

وأكد أيضًا على الجهود المبذولة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب انسجامًا مع الخبرات المصرية المتميزة في هذا الإطار.

من أثينا وموسكو إلى القاهرة، تجسدت جولات فخامة الرئيس في تعزيز مكانة الدولة المصرية على الصعيد الدولي، وإبراز الجهود التنموية المستمرة عبر مختلف القطاعات. تحيا مصر دائمًا وأبدًا… تحيا الجمهورية الجديدة.

أستاذ التكنولوجيا الحيوية المساعد بعلوم القاهرة

 abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى