د. إيمان علاء الدين تكتب: العظماء يصنعون التاريخ
علم التاريخ يعني بدراسة مجموعة من الأعمال والأحداث التاريخية في موضوع متخصص، ففي أوائل العصر الحديث، تم استخدام كلمة التأريخ بمعني «كتابة التاريخ»؛ وهناك الكثير من الأعمال التاريخية التي ترتبط ارتباط وثيق بفاعلها ويلتصق اسمها ومكانتها بصانعها.
ومن هنا نجد أسئلة كثيرة قد لا نستطيع أن نفسر بعضها. فعلي سبيل المثال وليس الحصر. يأتي القادة من صناعة التاريخ لهم؟ أم أن القادة هم من يصنعون التاريخ؟ ففي نظر البعض كلاهما صحيح فهناك من يرى تلك الوقائع التاريخية على أنها مجرد أحداث لكن ما يكسبها صبغة التاريخ أنها ارتبطت بأشخاص بعينهم.. أي أن الأحداث ارتبطت بالقادة؛ فالقادة هم من يصنعوا التاريخ، وفي بعض وجهة نظر الاخرين، أن تلك الأحداث هي التي تخلق أفرادا وتجعل منهم قادة.
ولا شك أن العظماء والقادة هم من يصنعون التاريخ. فهم يبدعون ويخططون وينفذون بدقة شديدة للوصول إلى أعلي درجات الاستفادة. من الجهد المبذول لتحقيق النتائج المرجوة. ولعلنا شاهدنا أمس، فاعليات نقل المومياوات الملكية حيث غادر 22 مومياء ملكية، و17 تابوتًا، إلى متحف الحضارة المصرية بالفسطاط، وتعود تلك المومياوات إلى عصور الأسر الـ«17 و18 و19 و20» ومن بينها مومياوات الملوك «رمسيس الثاني وسقنن رع وتحتمس الثالث وسيتى الأول وحتشبسوت، وميرت آمون».
مشاهد متميزة لإبداع الأحفاد في نقل والحفاظ على حضارة الأجداد.. فمصر التاريخ.. مصر الحضارة.. مصر الريادة، مصر التميز. فتاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية بأسرها حيث أبدع الإنسان المصري القديم. وقدم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم.. حضارة رائدة أذهلت العالم بفكرها وعلمها وسبقها، فهي حضارة تفاعل معها الإنسان المصري، وتركت بصماتها في عقله ووجدانه. بالإضافة إلى حرص المصريون القدماء على تدوين وتسجيل تاريخهم و الأحداث التي صنعوها وعاشوها، ومن هذا التوثيق وجدنا إرث الأجداد، وأصبحت مصر من بين دول العالم التي لديها تاريخ مكتوب، ولها نظم ثابتة، والتي اثرت بتلك المعايير في الحضارات الإنسانية بأجمعها.
ولعلنا تابعنا أمس القائد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية والذي أعرب سيادته عن فخره واعتزازه باستقبال موكب المومياوات بالمتحف القومي للحضارة المصرية، حيث ذكر سيادته بكل الفخر والاعتزاز أتطلع لاستقبال ملوك وملكات مصر بعد رحلتهم من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية. إن هذا المشهد المهيب لدليل جديد على عظمة هذا الشعب الحارس على هذه الحضارة الفريدة الممتدة في أعماق التاريخ. كما أضاف سيادته «إنني أدعو كل المصريات والمصريين والعالم أجمع. لمتابعة هذا الحدث الفريد. مستلهمين روح الأجداد العظام. الذين صانوا الوطن وصنعوا حضارة تفخر بها كل البشرية. لنكمل طريقنا الذي بدأناه.. طريق البناء والإنسانية».
قائد ملهم يصنع التاريخ ليس من أجل مصر والمصريين فقط بل للعالم أجمع والبشرية بأسرها في كافة المجالات والقطاعات المختلفة، فقبل ساعات قليلة من الموكب الذهبي المومياوات الملكية، افتتح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مشروع مدينة الدواء بالخانكة، كما حرص سيادته على أن يطلعنا عن البدء الفعلي لتنفيذ هذا المشروع منذ مرحلة الفكرة ومرورا بمرحلة التخطيط والتنفيذ حيث وصلت تلك المدة إلى 7 سنوات. كما أكد الرئيس السيسي، في كلمته خلال افتتاح مدينة الدواء بالخانكة، «أن الدولة المصرية تعمل على إتاحة الدواء للمواطنين بسعر مناسب، خاصة أن جائحة كورونا كشفت ضرورة امتلاك القدرة على تصنيع الدواء محلياً، ووجه الرئيس السيسي الحكومة بسرعة إنتاج أدوية الأورام محلياً».
وأضاف الرئيس السيسي «أن مصر تعمل على تجهيز مصنع مشتقات البلازما خلال عامين لتوفير الاحتياجات». وشدد سيادته على ضرورة أن تكون جدارة منتجات الدواء المصرية على أعلى المستويات. قائلاً: «يجب أن تكون 100% وليس 99.9%».
كما تعد مدينة الدواء أحد أبرز المشروعات القومية التي سعت الدولة المصرية لتنفيذها لامتلاك القدرة التكنولوجية والصناعية الحديثة في هذا المجال مما يؤثر على جودة الخدمة العلاجية للمواطنين، كما يعمل على منع اي ممارسات احتكارية.
كما تعتبر مدينة الدواء من أكبر المدن من نوعها على مستوى الشرق الأوسط على مساحة 180 الف متر مربع، وهي مزودة بأحدث التقنيات والنظم العالمية في انتاج الدواء لتصبح بمثابة مركز اقليمي يجذب كبري الشركات العالمية في مجال الصناعات الدوائية واللقاحات.
إنجازات وأحداث لم تتسع الكلمات أن تذكرها جميعا في مقال واحد. ولكن ستظل مصر تحفر تاريخها بحروف من ذهب بسواعد أبنائها. وقوة شبابها تحت قيادة رشيدة تحرص دائما على رفعة وطننا الغالي.
عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا