نون والقلم

حلف الإرهاب البغدادي

دون مواربة, وبصراحة يمكن القول بأنه قد (التم المتعوس على خايب الرجا)! في الحلف الإقليمي الجديد الذي تشكل لمحاربة (إرهاب تنظيم الدولة)! إذ أن سخريات القدر قد حولت برمشة عين أهل الإرهاب ورعاته وكبار ناشطيه إلى محاربين له في ملهاة تاريخية شرق أوسطية ليس لها مثيل. وللملهاة في التاريخ العراقي صور متنوعة رسمتها معالم تحولات إنتقالية مفاجئة جعلت من العراق المعاصر مختبرا لتجارب سياسية قاسية عبرت عنها أوضاع غريبة عاشها العراقيون وقطفوا ثمارها المرة , فبعد معارك داخلية طويلة إشتعلت في الساحة العراقية منذ الإحتلال الأميركي العام 2003 وقيام دولة الطوائف العراقية الفاشلة,وخوض معارك الحرب الأهلية المتقطعة التي قسمت أوصال البلد والشعب وأوصلته لهاوية الإفلاس المؤذن بالزوال,وبعد سلسلة متواصلة من التحركات الجماهيرية الشعبية التي لم تزل متفاعلة في الشارع,وفي إطار ما يسمى بالحرب الدولية ضد الإرهاب,برز فجأة حلف جديد قديم تشكل من الأطراف الإقليمية المتحالفة تاريخيا ضمن مشروعها الطائفي المعروف بعد أن أضيفت له نكهة دولية تعبر عن حجم وطبيعة التداخل و الإنغماس الدولي في إدارة شؤون المنطقة وحتى تقرير مصيرها إنه (حلف بغداد) الجديد للقرن الحادي والعشرين والذي أقيم بعد أكثر من نصف قرن على إنهيار ذلك الحلف القديم (1955) والذي كان يعبر آنذاك عن طبيعة الصراع الدولي في تلك الفترة الحساسة من الحرب الكونية الباردة,هذا الحلف كما أسلفنا ليس جديدا بقدر ماهو تطوير تكتيكي لحلف (نوروز) والذي يضم أنظمة إيران والعراق وسورية! هذا الثلاثي المتحالف والمترابط مصيريا والذي بإنهيار أي طرف من أطرافه سيتقوض بالتالي بأكمله, فالنظام السوري وهو يقاوم ثورة شعبية تطورت بفعل جرائم النظام لحالة حرب أهلية مدمرة يعيش على إيقاعات الحماية الدولية بعد أن تمزقت سوريا لشظايا وحارات وأزقة بات الإيرانيون يتحكمون بمساراتها ويديرون مفاوضاتها فيما يتكفل الطائفيون العراقيون واللبنانيون بتوفير مصادر الحماية المادية واللوجستية وإرسال العناصر الإرهابية لقتل الشعب السوري المنتفض, حتى دخل الدب الروسي المحاصر هو الآخر للفخ الشامي مكررا اللوعة الأفغانية ولكن هذه المرة بأدوات ومبررات مختلفة ومن خلال أنظمة متأزمة شكلت تحالفا أمنيا جديدا عبر تشكيل مركز عمليات إستخباري لمقاومة المد الجهادي المنطلق من أعماق وكر الدب الروسي ذاته!! وأختيرت بغداد لتكون عاصمة ومقر ذلك المركز الإستخباري وبمشاركة ضباط إيرانيين وسوريين وروس فيما الأميركيون يعيدون صياغة سيناريوهات المشهد الإقليمي بطريقة بارعة وغير مسبوقة في تاريخ إدارة النزاعات الدولية?ولعل النقطة السوداء في ذلك الحلف السقيم المتهاوي و الفاشل هو إشراك النظام الإرهابي السوري وعناصره الإستخبارية الإرهابية تحت مظلة التعاون في الحرب ضد الجماعات الإرهابية والمقصود تنظيمات الدولة والنصرة وغيرها? رغم أن المخابرات السورية هي أكبر تنظيم إرهابي في المنطقة وهي المصنع الحقيقي الأول للجماعات الإرهابية والمخطط الأول لأعمال الإرهاب الإقليمي والدولي! وتاريخ الإرهاب في الشرق الأوسط يؤكد تلك الحقيقة المعروفة, كما أن ممارسات عناصرها الإجرامية ضد الشعب السوري تجعل من المعيب التعامل معها بأي صيغة من الصيغ, إضافة لكون دولة المقر ذاتها وهي العراق تحكم و تدار من خلال أحزاب طائفية لها دور وتاريخ أسود في ممارسة الإرهاب المحلي والدولي كما أن جرائم ميليشيات السلطة الحالية الإرهابية و الموجهة ضد المخالفين والرافضين للهيمنة الإيرانية تسود وجه السلطة المتورطة بتحالفات مشبوهة وسرية مع أساطين الإرهاب الإيراني في العراق , ولعل وجود أشخاص من أمثال هادي العامري أو الإرهابي الدولي أبو مهدي المهندس في قمة هرم السلطة في المنطقة البغدادية الخضراء يمثل نقطة تحد حقيقية للجهود الإستخبارية بين الأطراف الأربعة التي هي في النهاية أطراف متحالفة تاريخيا وداعمة للإرهاب أيضا, فكيف يحارب الإرهاب من يدعم الإرهاب? و كيف يرتجى الحل ممن هو أصل المشكلة ? وهل أن الإرهاب الذي يمارسه النظام السوري والميليشيات المدعومة إيرانيا ضد الشعب السوري يدخل ضمن دائرة أعمال الإرهاب? أم أنه مجرد مساج فقط لا غير? حلف بغداد الأمني الجديد, حلف بائس يحمل بذور فنائه معه, لكونه حلف المتأزمين و التائهين في بحار الأزمات و المتورطين الحقيقيين بدعم الإرهاب, سيسقط هذا الحلف و يتحلل دريجيا فحرية الشعب السوري وحتمية انتصاره على الفاشية و الإرهاب أكبر من كل المخططات المرسومة في الغرف السوداء. كاتب عراقي .

زر الذهاب إلى الأعلى