
حسين حلمي يكتب: مبدأ العصا الغليظة في السياسة الأمريكية
سياسة «رعاة البقر» ليست مجرد فكرة عابرة أو تعبيرًا استعارياً، بل هي مفهوم فعلي يعكس النهج الذي اتبعته السياسة الخارجية للعديد من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية. تتجسد هذه الفلسفة في المقولة الشهيرة للرئيس روزفلت منتصف القرن الماضي: «تحدث بهدوء واحمل عصا غليظة»، وهي عبارة محفورة على لوحة برونزية في مقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون).
تعتمد هذه السياسة على مزيج من التهديد والترهيب، مع استخدام القوة العسكرية الأمريكية كأداة لحل النزاعات الدولية وضمان حماية المصالح الأمريكية في مختلف أنحاء العالم.
يعتبر العديد من رؤساء الولايات المتحدة هذا النهج شكلاً من أشكال الواقعية السياسية، حيث إن التشديد على القوة العسكرية والسعي لترويع الخصوم يظل ركناً أساسياً.
هذه السياسة لا تلقي بالاً لإرضاء الآخرين، حتى لو كانوا شركاء أو حلفاء، بل تتساهل مع الديكتاتوريات المستقرة طالما أنها تخدم المصالح الأمريكية. وبعيداً عن التصريحات الدبلوماسية التي قد تصدر أحيانًا، فإن هذا النهج يعتبر الإبادة الجماعية أحيانًا جزءًا من حسابات المصلحة الوطنية، دون النظر إلى القيم الأخلاقية.
الرئيس دونالد ترامب أضاف لمسة جديدة لهذا النهج عبر التخلي عن عنصر «التحدث بهدوء»، واعتمد بشكل أكبر على الخطاب العلني الممزوج بالتهديدات الاقتصادية بجانب التهديد العسكري.
وقد استهدف ترامب بشكل واضح أولئك الذين وصفهم بـ«المستفيدين المجانين»، في إشارة إلى الدول التي تعتمد على الحماية الأمريكية، مطالباً إياهم بدفع مقابل مالي لهذه الحماية.
مما يؤكد أن سياسة ترامب ليست خروجاً عن المألوف، بل امتداد لترسيخ العقيدة الثابتة التي طالما حكمت السياسة الخارجية الأمريكية.