
حسين حلمي يكتب: شماعات الفشل وواقع الحياة
حكايات الزمن القديم تحمل في طياتها الحكمة والعبرة، فهي لم تكن مجرد قصص للتسلية، بل تعليمًا قيمًا ينتقل عبر الأجيال. سواء كانت في صورة حواديت الأطفال أو أمثال شعبية، لها تأثير عميق على تشكيل الفكر والسلوك. من بين تلك الحكايات التي يتردد صداها في الذاكرة، حكاية الثعلب الصغير وعنقود العنب.
تروي هذه القصة عن ثعلب صغير يسير في الغابة، حيث لمح عنقود عنب متدليًا من أغصان شجرة عالية. قال لنفسه: «هذا ما أحتاج إليه لإطفاء عطشي». حاول الثعلب القفز للوصول إليه، لكنه لم ينجح. كرر المحاولة مرة ثانية وثالثة، ولكن دون جدوى. عندما أدرك عجزه عن الحصول على العنب، ابتعد عن الشجرة محاولًا إخفاء فشله، وقال بتفاخر: «هذا العنب حامض ولا أريده».
تُظهر القصة كيف يلجأ الفاشلون عادةً إلى تبرير إخفاقاتهم بدلاً من مواجهة السبب الحقيقي وراء الفشل. هم يهربون من تحمل المسؤولية ويلقون اللوم على عوامل خارجية، سواء كانت الظروف، الناس، أو حتى أشياء خارجة عن سيطرتهم مثل العنب في القصة.
من هنا يتعلم الأطفال منذ صغرهم أن النجاح يتطلب مواجهة الذات بشجاعة بدلاً من تعليق أخطائهم على شماعات واهية.
هناك من يستمر على هذا النهج حتى الكبر، فيعزو إخفاقاته إلى الحكومة، الناس، الأسرة، أو حتى قوى غيبية مثل السحر والعين والحسد. وقد يختبئ تحت مظلة الدين لتأكيد مزاعمه ويطلب من الآخرين الدعاء له. لكن جوهر المشكلة يكمن في رفضه الاعتراف بحقيقة فشله والسعي لتحسين نفسه بدلًا من الاستسلام.