
حسين حلمي يكتب: سلوك الطاغية وتأثيره على الضحية
المثل الشعبي «القط يحب خناقه» يعبّر عن حالة نفسية أثبتها علماء النفس، وأطلقوا عليها «متلازمة الخوف».
هذه الحالة تظهر عندما يشهد شخص أحد المعتدين وهو يؤذي آخر، فيجد نفسه متحالفًا مع المعتدي بدلاً من الضحية.
الشخص الذي يعاني من هذه المتلازمة يسعى لإظهار الولاء للمعتدي والتعاون معه، خوفًا من الضحية أو من قوة المعتدي.
هذا النوع من الخوف وفقدان الإحساس بالسيطرة هو السبب أحيانًا في رؤية أشخاص كانوا معارضين سابقًا يتراجعون عن مواقفهم، بل وينتقدون من يقاوم المعتدي، ويطلبون الاستسلام والانصياع له. فيتحوّل «القط» إلى أداة يتحكم بها خوفه، مقلدًا تصرفات المعتدي وظلمه.
الشخص الذي يفقد القدرة على التعاطف ويختار الوقوف في صف المعتدي يساهم في إشعال الفتن والانقسامات بين الناس. وهو لا يدرك أن تاريخ الأمم يعلمنا أن الخلافات الداخلية تؤجَّل إلى ما بعد التخلص من العدو المشترك. فالاصطفاف ضد التحرر خلال أي معركة هو خيانة واضحة.
حديث هؤلاء الذين يدعون للاستسلام يشعل الأزمات بين الناس، كما أن تصرفاتهم تخدم مصالح العدو أكثر من مصالح شعبهم. هم أسرى للذل، يتقبلون الخنوع ويجدونه مألوفًا.
وقد وصف المتنبي مثل هؤلاء بأبياته الشهيرة: «وما انتفاع أخي الدنيا بناظره، إذا استوت عنده الأنوار والظلم»، في إشارة إلى غياب الفارق بين الخير والشر في أعينهم.