نون والقلم

حسين حلمي يكتب: رمز الكذب في الثقافة الشعبية

«فنجري البُق» هو تعبير شعبي يمثل واحدًا من أبرز كنوز الموروث الشعبي، حيث يصف الشخصية التي تطيل الحديث وتقل في الفعل.

كلمة «فنجرى» تعود أصلها إلى اللغة القبطية القديمة وتعني الكرم والسخاء، أي أن الشخص يوصف بأنه كريم في عطاءه وإنفاقه. ومع ذلك، أضفى العامة على الكلمة معاني جديدة بإضافة «البُق»، في إشارة إلى الإسراف في الكلام دون وزن للأفعال.

 وهكذا أصبح المصطلح «فنجرى البُق» يعبر عن شخص يتحدث بلا حدود، متكئاً على افتراض أن ذاكرة الناس قصيرة وسرعان ما تنسى ما سمعته.

يتصدر هؤلاء الشاشات مساءً لبيع الأوهام والوعود الكاذبة، ملونين أحلام الناس بوعود «المن والسلوى»، فيما يستيقظ الناس صباحاً ليجدوا الواقع مريراً مثل العلقم والحنظل.

ومع الزمن، تحولت شخصية «فنجرى البُق» إلى أشبه بوظيفة تدر أرباحاً خيالية، بهدف تغطية الحقائق وتشتيت الانتباه عن الهموم الحقيقية للناس.

لهذا السبب، عندما يُقال عن أحدهم إنه «فنجرى بُق»، فهو اتهام بالثرثرة الفارغة وعدم الصدق، تنبيهًا للآخرين بأن كلامه لا يعدو كونه وهمًا يتبخر مع مرور الأيام.

يُذكر الناس بما قيل لهم عن محبة زائفة ومكانة لا أساس لها، بينما الواقع أثبت العكس تماماً. ومع تعاقب الوقت دون تنفيذ تلك الوعود، يذهب التصديق أدراج الرياح، ويعلو صوت الحكمة الشعبية: «من يفعل لا يقول، ومن يقول لا يفعل». وهكذا يبقى «فنجرى البُق» رمزاً للشخصية المتناقضة بين القول والفعل.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى