نون والقلم

حسين حلمي يكتب: رسائل الزمن الجميل

كلمة «كُنا» ما زال الكثير منا يبدأ بها عندما يسرد إحدى الحكايات القديمة التي كانت تُروى لنا ونحن أطفال. تلك الحكايات التي يعتقد البعض أنها مجرد قصص متناقلة، بينما الحقيقة أنها تعود لجذور أعمق حيث حفظتها كتب التراث التي تركها لنا الأقدمون في شكل نوادر وحكايات مليئة بالعبر، وجاءت كثير منها على ألسنة الحيوانات والطيور. كل حكاية كانت تحمل هدفًا أو رسالة معينة تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية وبناء مجتمع متماسك.

هذه القصص لم تغفل عن تناول قضايا الدين والسياسة، وشروط بناء الدول واستمراريتها أو زوالها. ورغم ذلك، هناك من يظن أن موضوعات مثل الحب والغزل وصراع الخير والشر كانت فقط تمثل وسيلة لنصح الأفراد وإصلاحهم، في حين أن جوهرها كان أعمق من ذلك، إذ حملت دعوات للتسامح، حب الآخر، ونشر قيم المساواة، حيث لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.

كما أبرزت الحكايات أهمية لغة التعامل بين الرئيس والمرؤوس، داعيةً إلى التواضع واللين مستشهدة بمبادئ مثل: «لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». أبطال هذه الحكايات لم يحملوا أسلحة، ولم يتزينوا بسلاسل حديدية، ولم نجد فيها أبناء يقتلون آباءهم أو آباءً يقتلون أبناءهم. كانت هذه القصص ثروة ثقافية تضمنت نصائح وإرشادات لكل جانب من جوانب الحياة.

ومنها استقى الحكماء العبرة، فاهتدوا بما جاء فيها لبناء حياتهم. أما من استخف بها وفضل اللهو على العمل بقيمها، فقد ضلوا الطريق وأصبحوا في مناطق مظلمة تقود للهلاك. ومع تراجع هذه القيم التي جسدتها تلك الحكايات، وجدنا أنفسنا الآن في مؤخرة الأمم، نبحث عن مخرج مما نحن فيه.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى