
حسين حلمي يكتب: ترامب والإعلام الحكومي
الشخص المتسلط هو الفرد الذي يتبنى نهجًا دكتاتوريًا يميل إلى فرض آرائه وإصدار الأوامر، ويُظهر استياءً شديدًا تجاه من يعارض إملاءاته أو قراراته. ومن أبرز ما يثير غضب الدكتاتوريين هو حرية الرأي التي تمثلها الصحافة بوصفها صوت الحق والحرية. لهذا السبب، يسعى أي دكتاتور دائمًا لمحاصرتها ووضعها تحت نطاق سيطرته المباشرة.
في حالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اختار سبيلًا مختلفًا للتعامل مع وسائل الإعلام، حيث وجّه بإيقاف التمويل المقدم لبعض المحطات الإعلامية الحكومية الأمريكية التي تقدم خدمات إخبارية عامة مثل قناة «الحرة»، التي تبث برامجها إلى 22 دولة في الشرق الأوسط، وإذاعة «صوت أمريكا» وغيرها من المنابر الإعلامية الرسمية.
بدلاً من ذلك، اعتمد ترامب على منصات يمكن التحكم فيها بسهولة ولا تتطلب إدارتها أي مؤهلات أو معايير مهنية صارمة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه المنصات، التي تشكل فضاءً افتراضيًا غير منظم، أصبحت بمثابة أدوات مثلى للدكتاتوريات الحديثة. فمن خلالها، يتمكن الحاكم من تجنيد مجموعة من الأفراد لنشر ما يتوافق مع رؤيته وتوجهاته، بحيث يتحول المحتوى المنشور فيها إلى «حقيقة» مطلقة في نظر الكثيرين، رغم افتقاره إلى الدقة أو المصداقية.
بهذه الطريقة، تمكن ترامب من إحكام السيطرة على حرية التعبير وتوجيهها لتكون انعكاسًا محدودًا وموجّهًا لآرائه وتصوراته، بعيدًا كل البعد عن العلم والواقع.