نون والقلم

حسين حلمي يكتب: النرجسية بين الثقة والقلق

من المثير للتأمل حال الشخص الذي يتوهم أنه يعرف كل شيء، ويظن نفسه موسوعة في جميع العلوم والمعارف، وأيضاً في كافة المهن والحِرف. هو ببساطة يرى أنه يفهم كل شيء أفضل من أي شخص آخر.

غالباً ما تكون هذه السمة دلالة على «شخصية نرجسية». إذا تحدث، يظهر شديد الثقة فيما يقول، ولكن إذا دققت النظر إلى عينيه، قد ترى فيها ارتعاشاً خفياً يعكس القلق الدفين داخله.

من الأفضل ألا تحاول الدخول في نقاشات معمقة معه، فهذا النوع من الأشخاص في الغالب هشّ وضعيف رغم مظاهر القوة والصوت العالي. خلف هذه الضوضاء، يدرك في قرارة نفسه أنه ليس ممتلئاً بالعلم أو المعرفة كما يدّعي.

ولنتذكر هنا أن الحصول على شهادة جامعية لا يعني بالضرورة أن الشخص متعلم بشكل حقيقي، فقد نجد أناساً لم يحصلوا على تعليم جامعي لكنهم بلغوا قمم الثقافة والعلم، كالعقاد مثلاً، الذي يُعد مثالاً بارزاً على التميز والإبداع دون تعليم جامعي.

لا يُقلل منك أن تقول له: «ربما أنت محق وأنا على خطأ» أو «دعني أفكر في الأمر». التخلي عن مجادلة هذا النوع من الأشخاص ليس ضعفاً، بل هو حفاظ على طاقتك ووقتك. قد تصل به الأحوال إلى درجة يرى فيها المستقيم خطأً إذا لم يوافق هواه. لذا، من الحكمة أن تجعل نفسك تبدو أقل علماً أمامه دون أن يفقدك ذلك احترامك لذاتك، فالمجادلات التي لا جدوى منها تدخلك في دوامة من المهاترات التي لن تُفضي إلى شيء.

الأفضل دائماً اتباع نهج الحكمة في التعامل معهم، كما أرشدنا الله سبحانه وتعالى: «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما»، وأيضاً: «وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه». نسأل الله أن يعفو عنهم ويردهم إلى الطريق المستقيم.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى