نون والقلم

حسين حلمي يكتب: الفوضى وسيلة أم غاية؟

البعض يعتقد أن الفوضى تنشأ نتيجة غياب الوعي أو عدم إدراك أهمية النظام في تحقيق التعايش السلمي، لكن الحقيقة تحمل مفهوماً أعمق؛ الفوضى يمكن أن تكون وسيلة للحكم يستخدمها أصحاب المصالح لتحقيق أهدافهم على حساب العدالة، مما يمكّنهم من انتزاع حقوق الآخرين.

هذا ليس مجرد رأي شخصي، بل مستمد من تعريف الفوضى في الفلسفة اليونانية القديمة. وعقب ذلك، جاء علماء الاجتماع ليضيفوا إلى هذا التعريف بأن الفوضى تُستخدم كذلك لإخفاء عيوب الحُكم.

أما في مجال السياسة، يعتبر بعض العلماء الفوضى أداة يصنعها الضعفاء لمواجهة الاستبداد، حيث يرفضون الامتثال للقانون بهدف تقويض السلطة القائمة.

من هذا المنطلق، ظهرت حركة اللاسلطوية في السياسة، المستندة إلى فكرة مستمدة من الدين، الذي يرى أن السلطة الوحيدة هي سلطة الله.

وبذلك يلجأ بعض الأفراد إلى الاختباء داخل الفوضى دون الالتزام بنظام أو أخلاق، واستقر في أذهانهم مقولات شعبية مستوحاة من الأفلام مثل «اللي ما لوش خير في حاتم ما لوش خير في مصر»، وكأن الأمر يحصر قيمة الوطن بأكمله في شخص معين مهما كانت مكانته. هذا النهج يعكس المناخ الذي تفرزه الفوضى.

ومع ذلك، لا أؤمن بأن الفوضى قادرة على بناء الأمم، فهي لا تمد المجتمعات بمقومات التقدم والاستقرار. بناء الأمم يتطلب العلم، النظام، والعدل كأسس لا غنى عنها لتحقيق مستقبل أفضل.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى