نون والقلم

حسين حلمي يكتب: العدل بين الظنون والأدلة

كتاب «كليلة ودمنة» يُعد من أبرز الأعمال التي تجسد الحكمة الإنسانية التي نشأت بين ثقافات قديمة، إذ استمد روحها من الهند، ونقلها الفرس، ثم أُعيد تشكيلها في صياغة عربية مميزة جعلتها جزءًا أصيلًا من التراث الإنساني.

هذه المقدمة تتجلى في كلمات الدكتور طه حسين، أحد أعمدة الأدب العربي. الكتاب يقدم قصصًا رمزية على ألسنة الحيوانات، تهدف إلى تعزيز قيم التعاون والخير، ومناهضة الشر والظلم.

من بين القصص المشهورة في الكتاب، يبرز الحوار بين «دمنة»، السنجاب الذي كان محور العديد من الحكايات. في إحدى المرات، وُجِّهَ إليه الاتهام من قبل الأسد الملك بالتجاوز في حديثه معه، فأُحضر للمحاكمة.

 وفي المحكمة، قال دمنة للقاضي: «سيدي القاضي، ليس من العدل أن يُدفع الأبرياء ومن لا ذنب لهم إلى المحاكمة أمام قاضٍ غير منصف دون دليل». فرد القاضي قائلًا: «إن صمتَ من أحضروك ولم يقدموا أقوالهم يعني أن ظنون الجميع اتفقت على أنك مذنب، ولا أرى أمامك إلا الاعتراف».

لكن دمنة أجابه بثقة: «القاضي العادل لا يحكم بناء على الظنون، سواء كانت من العامة أو الخاصة. يجب أن يكون هناك دليل قاطع لإثبات التهمة، فالمكر والخداع لا يليقان بمنصب القضاء».

لما استمع الأسد لهذه الكلمات، بدأ يشك في نوايا دمنة وأمر بإحضار الفهد والنمر للشهادة عليه. لكنهما لم يجدا ما يدين دمنة، فتوالت الأسباب لتعذُّر ذلك. وفي تلك اللحظة، أدرك الملك مغزى العبارة الشهيرة: «كلام بلا جدوى».

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى