
حسين حلمي يكتب: الصدق إرث لا يزول
السمعة الطيبة هي رأس مال الإنسان في حياته، وهي التي تبقى ليخلَّد ذكره بعد وفاته. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في إحدى قصائده: «فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها، فالذكر للإنسان عمر ثانٍ». فالذكر الطيب هو معيار أصيل للقيم والأخلاق، ومن خلاله تُقدَّر مكانة الرجال وتُقاس قيمتهم.
ومن بين قصص الحكمة التي تبرز أهمية السمعة، نجد قصة الهدهد والغراب اللذين تنازعا على حفرة ماء، حيث ادعى كل منهما أنه من حفرها. لجأا إلى قاضي الطيور ليحكم بينهما، فطلب منهما القاضي تقديم الأدلة التي تثبت أحقية أحدهما بالحفرة.
لكن كلاً منهما التزم الصمت لعدم وجود ما يثبت دعواه. بعد تفكير، حكم القاضي بأحقية الهدهد في الحفرة. تعجب الهدهد وسأل القاضي عن سبب حكمه لصالحه رغم عدم تقديم بينة. فرد القاضي قائلاً: لأنك اشتهرت بالصدق، ويقول الناس للإشارة إلى الصدق «أصدق من الهدهد».
توقف الهدهد قليلاً ثم رد قائلاً: إذا كان الأمر كذلك، فإن الحفرة تذهب للغراب، فأنا أفضل الحفاظ على سمعتي الطيبة ومكانتي المرتبطة بالصدق على أن أفقدها من أجل حفرة ماء.
هذه الحكاية العميقة نوجهها لأولئك الذين يتباهون بسمعتهم السيئة التي اكتسبوها من سعيهم الأناني وراء المال بأي ثمن. عليهم أن يدركوا أن ما يبقى حقاً هو السمعة الطيبة قبل كل شيء، فهي الإرث الحقيقي الذي لا يُقدر بثمن.
لم نقصد أحداً!!