اخترنا لكنون والقلم

حسين حلمي يكتب: السياسة بين الدسائس و احترام القانون

لم أقف طويلاً أمام مقال كتبه أحد الموالين لأحد أمراء المال الحاليين، حيث أعرب فيه عن امتنانه لنشر كتاب من كتب التراث الكلاسيكية في السياسة والاجتماع، وهو كتاب لفقيه عربي من القرن الثالث الهجري، العلامة شهاب الدين أحمد بن أبي ربيعة، بعنوان «سلوك المالك في تدبير الممالك».

وكانت لي مسبقاً فرصة الكتابة عن جزء من هذا الكتاب، تحديداً الجزء الذي يتناول شروط إنشاء المدن. هذا الكتاب مليء بالملاحظات القيمة حول كيفية إدارة الحاكم لشؤون الدولة، بدءاً من تنظيمها وإدارة مؤسساتها وصياغة سياساتها، وصولاً إلى الالتزام بالقانون من قبل الجميع، سواء الحاكم أو المحكوم. باختصار، هو بمثابة «دليل» للحاكم حول إدارة أمور الأمة داخلياً وخارجياً.

الكتاب يمثل رداً على المقولة الشائعة التي تعتبر السياسة مجالاً للدسائس، ويتمحور حول تقديم نصائح للإدارة العادلة. والأمير، الذي أطلق عملية تحقيق هذا الكتاب ونشره، قام بخطوة جريئة، حيث أن أفكار الكتاب تتعارض مع ما يمارسه بعض الأمراء الآخرين المرتبطين به.

قد تكون نية الأمير نشر هذا الكتاب إما لنصح الحاكم أو لتحذير الأمة من انحراف السياسات عما يعتبر صحيحاً وفقاً لما ورد في هذا الكتاب التراثي.

وعن نفسي، أميل إلى الاعتقاد بأن الأمير كان يهدف إلى تقديم نصيحة صادقة للحاكم، تدعوه لاتخاذ قرارات تعود بالنفع على الجميع، مما يضمن التزام الجميع بها مادياً ومعنوياً.

على الحاكم أن يعمل على تقليل الضغوط عن شعبه وعن وطنه، سواء كانت تلك الضغوط نابعة من الداخل أو الخارج.

يبدو أن الأمير الحاكم كان مدركاً تماماً أن الأغلبية لا تقرأ، ورغم ذلك أتاح نشر هذا الكتاب، وهذا بحد ذاته يعكس وعياً ورؤية تستحق الثناء.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى