
حسين حلمي يكتب: السياسات الجديدة لفرض النفوذ
من الطبيعي أن تكون هناك سيطرة لدولة على أخرى ما دامت تمتلك المقومات اللازمة لتحقيق هذا النفوذ. ومن أبرز هذه المقومات قوة السلاح، المال، أو الاقتصاد.
شهد العالم عبر تاريخه العديد من أشكال السيطرة التي مارستها بعض الدول، مثل السيطرة المباشرة، التي تتجلى في الاستعمار باستخدام القوة العسكرية، والسيطرة غير المباشرة، التي تعتمد على النفوذ الاقتصادي وتحويل الدولة المستَهدَفة إلى «حليفة» أو في الواقع إلى «تابعة»، تعتمد بشكل كامل على الدولة المسيطرة في كل شيء بدءًا من السياسات وصولًا إلى الطعام.
ولكن ما يثير الدهشة هو ظهور نموذج سياسي جديد للسيطرة، حيث يعتمد على تدخل شخص واحد يمارس نفوذه على دولة أخرى عبر سلب أو تعطيل قوتها الناعمة، بل واستبدالها بقوة تعتمد على ترويج التفاهة وأنصاف المواهب أو الشخصيات ذات الشهرة الزائفة.
يقوم هذا الشخص، الموكل بتنفيذ هذه المهمة، بشراء ولاء هؤلاء الأفراد إما بالمال أو بمنحهم جنسية الدولة التي يعمل لصالحها، ويواصل مساعيه لتحريف الهوية الثقافية والاجتماعية للشعب المستهدف بأساليب غير مباشرة.
ولكن، يغفل هؤلاء أن القوة الناعمة الحقيقية للدول لا تنشأ بين ليلة وضحاها أو بالتحكم المصطنع، بل هي نتيجة تطور تاريخي طبيعي متسق مع نظام اجتماعي وقوانين تسمح بصعود الكفاءات الحقيقية.
وهكذا يسقط أولئك الذين يعدّون أنفسهم سادة العالم في فخ شراء الوهم، لأن اعتمادهم على أنصاف المواهب والتفاهة يفقدهم القدرة على تحقيق نفوذ حقيقي، إذ إن هذه الأوساط لا توفر إلا قوة سطحية لا قيمة لها.
لم نقصد أحدًا!