
حسين حلمي يكتب: الرضا بعطايا القدر
كان يا ما كان، حكاية رجل فقير لجأ إلى حكيم يشتكي مرارة فقره، طمعاً في نصيحة تزيل شيئًا من همومه. استمع الحكيم إليه بهدوء، ثم قال: ليس من الحكمة أن يلوم الإنسان نفسه على شيء خارج عن قدرته، فقد تكون الأقدار تخبئ له خيرًا لم يكن يتوقعه، وقد يمنحه الله رزقًا من حيث لا يحتسب.
لشرح فكرته، قص الحكيم على الرجل حكاية أخرى. قال: كان هناك رجل فقير لا يملك ما يستر به جسده من البرد. حاول أن يستعين بأقاربه وأصدقائه لينقذوه من حاله، لكن أحداً منهم لم ينجده. وفي يوم من الأيام، وبينما يجلس في بيته الخاوي، فوجئ بلص يتسلل إليه. نظر الرجل حوله، لكنه لم يجد أي شيء يخاف عليه من سرقة. ومع ذلك، وجد اللص بعض قطع الخبز البسيطة. مدّ يدَه، وجمعها على رداء كان يحمله.
عندما رأى الرجل الفقير ذلك، صاح قائلاً: «هذا طعامي الوحيد الذي كنت أنوي أن أقتات به!» أمسك عصا قريبة منه، واندفع نحو اللص غاضبًا. خاف اللص ولم يجد طريقة سوى الهروب، تاركًا وراءه الرداء الذي خبأ فيه الخبز. أخذ الرجل الفقير الرداء أخيراً وارتداه، شاكراً الأقدار التي أعطته دون طلب.
ثم أكمل الحكيم حديثه للرجل: لم يكن هذا الفقير يعلم أن الأقدار ستمنحه ما يحتاج من دون سعي مباشر منه، لكن ذلك لا يعني أن يترك الإنسان السعي والعمل لتحسين حاله. فلا خير في أن يجلس الناس مكتوفي الأيدي ينتظرون الرزق بلا جد أو اجتهاد. خذ من الحمامة درسًا؛ فهي تظل تبني أعشاشها وتربي صغارها، حتى لو أخذها البشر للذبح. لا تستسلم للحياة مهما كانت قاسية، بل احترم قوانينها وسُنَنها واعمل بما تستطيع.
أنهى الحكيم كلامه قائلاً: قم واعتمد على الله وحده في رزقك، واعلم أن لكل شيء سبباً يُقدره الله بحكمته.