- أهم الأخباراخترنا لكدوشة فنية

الأسد يشعل الحرب بين الفنانين

 

أدت الأزمة السورية التي تحولت فيما بعد إلى صراع دام أقرب إلى حرب أهلية، إلى حدوث شرخ بين الفنانين في البلاد، فثمة من أعلن ولاءه لنظام الرئيس بشار الأسد، مؤكدا أن ما يحدث هو “مؤامرة كونية” تستهدف وحدة بلاده أرضا وشعبا، بينما أشار الفسطاط الآخر منهم إلى وجود “ثورة” ضد الظلم بدأت باحتجاجات سلمية قبل أن يحولها “القمع” إلى حرب مستعرة.

وشهدت الأحداث التي تقارب على إنهاء عامها الخامس بعد بضعة شهور، الكثير من السجالات بين هؤلاء الفنانين وصل بعضها إلى حد تخوين الآخر، ومن أبرز من أيد وجهة النظام في سوريا الفنان المخضرم دريد لحام، الذي حاز على شعبية كبيرة في البلاد لاسيما في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ولاحقا في الثمانينات من خلال تعاون لافت مع الأديب والشاعر الكبير الراحل محمد الماغوط.

وفي كثير من التصريحات لهذا الفنان يصر على أن ما يحدث هو مؤامرة أمريكية وصهيونية تستهدف دمشق، باعتبارها “قلعة الصمود” في محور الممانعة والمقاومة، وأبدى حزنه في أحد اللقاءات التلفزيونية تجاه من اتهمه بالعمالة وأنه “فنان سلطة” قائلا: “من المحزن حقا أن يصبح حبك لوطنك تهمة، ودفاعك عن أرضك خيانة”.

كذلك لعبت الفنانة رغدة دورا كبيرا في الدفاع عما سمته “معركة الوجود في وجه القوى التكفيرية والإرهابية”، وشنت هجوما كبيرا على فصائل المعارضة السورية المسلحة، وأثارت ضجة كبيرة عندما طالبت الجيش السوري باستخدام “السلاح الكيماوي” لإنهاء وجود تلك الجماعات المسلحة.

واشتهرت رغدة كذلك بجولاتها على بعض معسكرات ووحدات الجيش السوري مرتدية الزي العسكري وتقبيل الحذاء العسكري، وسايرها في ذلك العديد من الفنانين مثل زهير عبد الكريم وسلاف فواخرجي والمغني المشهور جورج وسوف وسلوم حداد ووائل رمضان، الذي دعا في أحد اللقاءات إلى حسم عسكري كبير لإنهاء “الإرهاب والتطرف”.

أما نقيب الفنانين السوريين زهير رمضان فقد أقدم على فصل أكثر من 192 فنانا، كثير منهم محسوبون على المعارضة، وفي معرض تبريره لقراره قال رمضان: “هؤلاء انتقصوا من سيادة هذا الوطن ومن رموز هذا الوطن، وتعاملوا بصفاقة مع رموز السيادة في سوريا، لقد تجرؤوا على العلم السوري، على الراية السورية التي نفتخر بها”.

وأضاف: “تجرؤوا على مقام السيد رئيس الجمهورية، رمز الوحدة الوطنية، الرئيس المنتخب من الشعب السوري، وتجرؤوا على النشيد العربي السوري.. نشيد عزتنا وكرامتنا الذي نفتخر به.. كما تجرؤوا على الجيش العربي السوري”.

بالمقابل، أعلن فنانون سوريون انحيازهم للاحتجاجات الشعبية منذ الأيام الأولى، مثل المغني سميح شقير الذي غني بعد نحو أسبوعين من اندلاع التظاهرات في درعا جنوبي البلاد أغنية “يا حيف”، وهاجم فيها قوى الأمن لأنها، بحسب رأيه، قتلت أطفالا ومدنيين عزل بدون أي مبرر، مما اضطره إلى البقاء خارج البلاد خوفا من تعرضه إلى الاعتقال.

كذلك سارعت المغنية المعروفة المقيمة في مصر أصالة نصري إلى مهاجمة السلطات في دمشق، رغم أنها اشتهرت سابقا بأغان تمجد الرئيس الراحل حافظ الأسد، وقدمت أغنية “الكرسي” التي انتقدت فيها بشكل غير مباشر ما زعمت أنه تمسك بشار بالسلطة مهما كانت النتائج، وجرى بينها وبين المغنية المخضرمة ميادة الحناوي سجالات بسبب ذلك، إذ اتهمت الأخيرة أصالة بـ”نكران الجميل” باعتبار أنها تلقت علاجا على نفقة الدولة في عهد حافظ الأسد.

ومن أبرز الفنانين الذين أعلنوا معارضتهم لنظام الحكم في سوريا الفنان جمال سليمان، الذي لم يكتف بإعلان معارضته فقط، بل شارك سياسيا من خلال اجتماعات ولقاءات مع المعارضة، وانضم لفترة مؤقت إلى الائتلاف السوري المعارض قبل أن يعلن استقالته، وفي أحد لقاءاته يقول سليمان الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية: “أنا شخص علماني وأحترم جميع الطوائف، وأعتقد أن ما حصل في سوريا هو استحقاق تاريخي كان سيحدث بشكل أو بآخر في أي وقت، نتيجة وجود حكم شمولي اعتمد كثيرا على أدوات القمع”.

وشدد سليمان على أنه عارض كافة أشكال عسكرة “الثورة”، لأن ذلك أدى إلى تفشي الفوضى وانتشار الجماعات المتطرفة، وأن الحل للأزمة الحالية سياسي للحفاظ على نسيج المجتمع وعدم حدوث عمليات انتقام طائفية تستمر إلى أجل غير مسمى.

بالمقابل، يرى الفنان المعارض عبد الحيكم قطيفان الذي قضى عدة سنوات في السجن بسبب انتمائه إلى جماعة يسارية “محظورة”، أن “ما حدث في سوريا من قتل ودمار يفوق الوصف”، وتنبأ “بحدوث عمليات انتقام فظيعة في المناطق المختلطة طائفيا في البلاد”، ومع ذلك يؤكد هذه الفنان اليساري على ضرورة إبعاد جماعات الإسلام السياسي عن البلاد، مشيدا بالخطوة التي أقدم عليها الشعب المصري في 30 يونيو 2013 التي أدت إلى إنهاء حكم جماعة الإخوان وعزل محمد مرسي.

وكذلك أعلنت الفنانة كندة علوش أنها تؤيد الاحتجاجات في سوريا، وعلى “ضرورة تحقيق مطالب الشعب”، واضطرت كنده أن ترد في أكثر من لقاء على أنها سورية الأب والأم وأنها من مدينة حماة بوسط سوريا، بعد أن اتهمها بعض الموالين للنظام بأنها فلسطينية الجنسية ولا يحق لها التدخل بشأن سوري خاص.

من جانبه قال فارس الحلو أنه لن يشارك في أي عمل يضم من سماهم “فنانو النظام”، ويؤكد الحلو مع الفنانة مي سكاف التي تعرضت للاعتقال على أن ما يجري في سوريا ليس حربا طائفية، فهما “مسيحيان يدعمان الثورة لأنها تهدف إلى تحقيق العدل والمساواة وليس استبدال استبداد باستبداد آخر”، ويوافقهما الرأي فنانون ينتمون إلى الطائفة المسيحية مثل جهاد عبده ومكسيم خليل.

بالمقابل أعرب فنانون آخرون عن حزنهم لما يجري سوريا من “إراقة دماء ” و”تدمير للبلاد”، دون أن ينحازوا بشكل واضح إلى أي طرف من أطراف الصراع، ومنهم الفنان الراحل نضال سيجري الذي توفي جراء مرض عضال، وكذلك الفنان الراحل خالد تاجا الذي لقبه الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش بـ”أنطوني كوين العرب”.

وقال تاجا ذو الأصول الكردية قبل رحليه: “اعذروني لم أبق في بيتي شيئا أقدمه لكم سوى لحمي فاقبلوه هنيئا مريئا، لكن حذار أن تأكلوه نيئا لأني أخشى أن تتوحشوا فيأكل بعضكم بعضا”، ويضيف: “شكرا لكم يا سادتي لقبولكم مأدبتي فالجوع لا يرحم.. لترتوِ عروقكم ولتنتفخ كروشكم، فأكثر ما أكره في الحياة الجوع والخنوع وصرخة الموجوع، وكل ما أرجوه ان تكتبوا على قبري هنا يرقد حاتم الطائي ولم يكن بخيلا على قومه وأهله بدمه ولحمه. تفضلوا يا سادتي. تفضلوا.. المنسف جاهز. سموا بالله وكلوا حتى تشبعوا”.

ولعل من المفارقة أن نجلي الفنان المخضرم رفيق السبيعي الملقب “بفنان الشعب”، قد اختار كل منهما طريقا مختلفا عن الآخر، فسيف الدين سبيعي موال للنظام وشارك في أعمال درامية تشير إلى توجهه السياسي، فيما اختار شقيقه الأكبر عامر نهج المعارضة، وأدى بصوته أغنية “قتلوا الولد” وأهداها إلى الطفل حمزة الخطيب، الذي وجدت جثته منكلا بها واتهمت المعارضة قوى الأمن بقتله، كما أدى أخيرا أغنية هاجم فيها حزب الله اللبناني وزعيمه حسن نصر الله لتدخله في سوريا.

 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى