«المعارضة المعتدلة»..خطة أمريكا لإطالة الصراع السوري
«المعارضة المعتدلة».. مصطلح مطاط تتمسك به الإدارة الأمريكية وتُصر على إطلاقه في جميع خطاباتها التي تخص الأزمة السورية، وتُعلن صراحة دعمها المطلق له سواء سياسيًا أو عسكريًا، ورغم أنها فشلت مرارًا في تحديد الفصائل المعنية بهذا المصطلح، كما فشلت في التمييز بين المعارضة المعتدلة والتنظيمات المسلحة منذ بداية الأزمة السورية قبل خمس سنوات.
التصريحات المضطربة والمتناقضة التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تعبر عن تراجع قوة واشنطن في الأزمة السورية، ففي الوقت الذي اعترف فيه كيري بصعوبة التمييز بين الإرهاب والمعارضة، أشار إلى تحريك قوات المدفعية إلى حلب للقضاء على الإرهابيين، فأي إرهابيين يقصدهم.
اعتراف كيري بفشل بلاده في التفريق بين التنظيمات المسلحة الإرهابية وجماعات المعارضة المعتدلة، لم يكن الأول من نوعه، فسبق أن اجتمعت القوى السياسية في نوفمبر الماضي، وطلبت روسيا حينها من أمريكا إعداد قائمة بالجماعات التي ترى واشنطن أنها معتدلة حتى يتم تجنيبها خلال القصف الروسي على الأراضي السورية، ولكي يكونوا شركاء في المفاوضات، وحينها حملت روسيا على عاتقها محاولة استكشاف ماهية الجماعات المعارضة، حيث اتفقت الخارجية الروسية مع المبعوث الأممي، ستيفان ديمستورا، على الاتصال بطيف واسع من جماعات المعارضة، في محاولة منها للحصول على لائحة للجماعات الإرهابية والجماعات المعتدلة من الدول الداعمة لهذه الجماعات، لكنها فلشت في التوصل إلى هوية المعارضين المعتدلين الذين تقصدهم أمريكا بالدعم السياسي والعسكري، وأخذت الإدارة الأمريكية حينها تماطل في تفسير المصطلح لحلفائها في المفاوضات، ليبقى مصطلح المعارضة المعتدلة نقطة خلاف بين واشنطن وحلفائها من حيث تعريفها ومهامها.
ورغم الاعترافات الأمريكية الصريحة والضمنية بفشل التفريق بين الطرفين المعتدل والإرهابي، إلا أن ذلك لم يمنعها من إعلان دعمها مرارًا وتكرارًا للطرف المعتدل من وجهة نظرها، حيث أهدرت الإدارة الأمريكية أموالا باهظة في تدريب وتسليح ما اسمته بـ”المعارضة المعتدلة” على مر سنوات الأزمة السورية، فقد بدأ دعم واشنطن للمسلحين سرًا ثم انتقل من السرية إلى العلانية مع إعلان البنتاجون انتزاع أكثر من 500 مليون دولار من الخزانة الأمريكية لتدريب وتسليح هذه المعارضة في 2014، وتدرج الدعم من التدريب والتسليح إلى الإسقاط الجوي الذي عمدت فيه واشنطن إلى إلقاء الذخيرة والإمدادات العسكرية على “المعارضة المعتدلة” جوًا من الطائرات الأمريكية.
وبعد عدة أعوام من الدعم المطلق والتدريب على الأراضي التركية تارة والقطرية تارة أخرى، خرجت وزارة الدفاع الأمريكية في سبتمبر الماضي، لتعلن أن برنامج تدريب مقاتلي المعارضة المعتدلة في سوريا فشل فشلا ذريعًا، وفق تصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع، بيتر كوك، الذي قال إنه تم القضاء واعتقال واختفاء نصف فرقة المقاتلين الذين دربتهم أمريكا منذ شهور حتى قبل أن يحتكوا بتنظيم داعش، مؤكدًا أن هذه الخسائر لحقت بهم نتيجة المعارك مع متطرفي جبهة النصرة، موضحا أن البنتاجون أنفق على تدريب نحو 60 مقاتلا خلال شهرين أكثر من 42 مليون دولار.