نون والقلم

المتلاعبون

انتهت الهدنة فطارت الطائرات لتضرب ريف حلب والطرق المؤدية إليها، ودمرت شاحنات الإغاثة بحمولتها من المواد الغذائية والدوائية، لم تصل إلى مبتغاها، فالعقوبة الجماعية أصبحت عنواناً للمعاناة البشرية في سوريا.

اختلف اللاعبون، هكذا يسمونهم، لاعب روسي، ولاعب أميركي، ولاعب تركي، ولاعب إيراني، كلهم معارون من الخارج، فهم الكبار المؤثرون في المأساة السورية، المأساة وليست المباراة.

لاعبون يتفننون في أساليب القتل واختيار الضحايا، يتبادلون الأدوار، ويتقاسمون أوقات الطيران في الأجواء، قبل ثلاثة أيام كان المجال مفتوحاً للطيران الأميركي، ونتيجة خطأ، لا بل اشتباه، اعتقد الطيارون أن القوت المحتشدة تحتهم تتبع الإرهابيين، أولئك الذي يسمون دواعش وفتح الشام، وكم تأسفت أميركا، وتبعتها بريطانيا التي شاركت في الغارة، فقد كان الحشد العسكري يتبع نظام بشار الأسد.

واختلط الحابل بالنابل، ولم تمدد الهدنة، ولم تصل قطرة ماء أو غذاء إلى المحاصرين من المدنيين، وحلق الطيران الروسي مرافقاً السوري، وانزوى الأميركي والبريطاني، عندهم جدول مواعيد، كأنهم في رحلات ترفيهية، وكأن البشر الذين يصطادونهم بقنابلهم بلا قيمة أو اعتبار، هذا يقتل 40 شخصاً، والآخر يقتل زيادة عليهم، يسجلون نقاطاً تكتب بالدم.

لأول مرة في التاريخ، تاريخ الحروب، وتاريخ الصراعات السياسية، نسمع عن اتفاق بين المتحاربين، حتى الذين اخترعوا «بلاي ستشين» وغيرها من الألعاب الخيالية، أقول لكم، حتى هؤلاء لم تتفتق أذهانهم عن «حروب التسلية»، ولكن في سوريا يُكتب تاريخ جديد، واللاعبون يضحكون، هم بالفعل يضحكون لأنهم يطبقون نظريات جديدة، تحقق لهم متعة، وتسلي كل واحد منهم مع ما ينجز من عمليات تحت مراقبة خصمه.

العالم يتفرج ويتعجب، ولا يملك شيئاً يوقف به هذا الاستهتار بأرواح البشر، فهذه أميركا وتلك روسيا، هذه صاحبة «فيتو» وتلك صاحبة «فيتو»، تختلفان فيموت الناس، وعندما تتفقان يموت الناس أيضاً!

زر الذهاب إلى الأعلى