نون والقلم

السيد زهره يكتب: ابتزاز العرب باسم الاتفاق النووي

العالم كله ينتظر تاريخ 12 مايو الحالي وهو التاريخ الذي سيقرر فيه الرئيس الأمريكي ترامب الموقف من الاتفاق النووي مع إيران وما إذا كانت أمريكا ستنسحب منه أو لا.

معروف أن مواقف مختلف الدول تتباين حول الموقف الأمريكي المنتظر، والذي في كل الأحوال سوف تترتب عليه نتائج كثيرة. فماذا عن الدول العربية وموقفها؟

لعلنا نتذكر أنه حين تم توقيع الاتفاق النووي رحبت به الدول العربية رغم التحفظات عليه. كان هذا موقفا صحيحا، فنحن ليس لدينا مشكلة مع الاتفاق في حد ذاته. مشكلتنا الأساسية وتحفظنا الأساسي هو أنه تم توقيع الاتفاق بمعزل تماما عن سياسات إيران الإرهابية التوسعية في المنطقة، ولم يتطرق إليها إطلاقا. ولهذا، تم اعتبار أن الاتفاق في جانب أساسي منه بمثابة تشجيع للنظام الإيراني على المضي قدما في إرهابه في المنطقة.

ولهذا السبب تحديدا، فإن القرار الذي سوف يتخذه ترامب من الاتفاق في الموعد المنتظر لا يعنينا كثيرا في الدول العربية إلا بقدر ما سيمثله في عملية مواجهة سياسات إيران وإرهابها في المنطقة.

نعني بعبارة أخرى، أنه حتى لو قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق، فلن يكون لهذا بالنسبة إلينا معنى كبير، والأمر يتوقف على مواجهة إيران ومشروعها في المنطقة بعد ذلك.

ولهذا تحديدا، ليس مقبولا أن يكون الموقف من الاتفاق النووي هو بحد ذاته مناسبة لابتزاز أمريكا للدول العربية، ودول الخليج العربية خصوصا.

لماذا نقول هذا الكلام الآن؟

السبب هو ما كشفت عنه مصادر إعلامية في الفترة الماضية من أن الإدارة الأمريكية أرسلت إلى دول مجلس التعاون الخليجي مذكرة بمناسبة قرب اتخاذا قرار بشأن الاتفاق النووي.

بحسب ما نشر، فإن المذكرة تتضمن 11 بندا، أو بالأحرى 11 مطلبا أو شرطا تطرحها أمريكا على دول مجلس التعاون. ما جاء في هذه البنود يستدعي التوقف عنده مطولا.

ثلاثة أمور بصفة خاصة تضمنتها هذه البنود تستدعي التوقف عندها.

أولا: مطالبة أمريكا لدول المجلس بـ«التجانس والوحدة داخل مجلس التعاون» وإنهاء الخلافات فورا.

مفهوم بطبيعة الحال أن المقصود بهذا هو أنه على دول المقاطعة لقطر إنهاء هذه الأزمة.

ونصت المذكرة الأمريكية على هذا صراحة، إذ شددت على ضرورة «صدور مبادرة خليجية لإنهاء النزاع وإظهار الموقف الموحد، وأن يصدر بيان يتضمن إنهاء كل حالات المقاطعة وفتح الحدود البرية والمجالات الجوية وعودة العلاقات الدبلوماسية، على أن يظهر كل طرف مقادير معتبرة من التوافق وحل المشكلات استشعارا بخطورة ما يخطط للمنطقة»، كما طالبت غير هذا بوقف كل الحملات الإعلامية.

إذن، أمريكا، وباسم الاتفاق النووي والموقف منه، تطلب إنهاء مقاطعة قطر فورا ومن دون أي شروط تحت دعوى ضرورة وحدة مجلس التعاون.

ثانيا: المذكرة الأمريكية تتحدث عن تذكير دول مجلس التعاون بـ«التضحيات والالتزامات الأمريكية المادية والبشرية لمواجهة الإرهاب منذ عام 2001 حتى اليوم وحجم الإنفاق الذي قدمته أمريكا في الحرب ضد الإرهاب واستفادت منه أمنيا دول الخليج بالدرجة الأولى».

والمقصود هنا واضح بالطبع، وهو ما يقوله ترامب علنا مرارا من ضرورة أن تدفع دول المجلس لأمريكا في مقابل ما يسميه «الحماية» وما يعتبر أنها «تضحيات» أمريكية.

ثالثا: المذكرة الأمريكية تتضمن تهديدا صريحا بأن «الولايات المتحدة لن تتحمل وحدها مسؤولية التصدي للمخططات الإيرانية إذا استمرت الخلافات» بين دول مجلس التعاون. وتهدد بأن «ما قدمته أمريكا من التزامات قد لا يستمر في حال لم تتخذ دول الخليج مجتمعة موقفا موحدا بالتحالف مع أمريكا».

كما نرى، هذا الذي تضمنته المذكرة الأمريكية هو تهديد سافر وابتزاز صريح. كل هذا قبل أن نعرف ماذا ستفعل بالضبط في مواجهة إيران ومشروعها في المنطقة، وفقط بمناسبة قرب صدور قرار حول الاتفاق النووي.

ولا نحسب أن الأمر بحاجة إلى تعليق.

نقلاً عن صحيفة أخبار الخليج البحرينية

زر الذهاب إلى الأعلى