غير مصنف

السياحة الدينية في السعودية.. ثروة واعدة تسهم بتنويع الاقتصاد

في إطار مساعيها لتنويع الاقتصاد وتقليص اعتماده على الواردات النفطية، تركز السلطات السعودية على تنمية وتطوير قطاع السياحة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وذلك بفضل ما يعرف بالسياحة الدينية، مستفيدة من إقبال ملايين الحجيج المسلمين من شتى بقاع الأرض لأداء الحج سنوياً، والعمرة يومياً، وزيارة المعالم الأثرية والبقاع المقدسة في منطقة الحرمين الشريفين.

ففي ظل تراجع أسعار النفط، وتوقعات الخبراء بنضوبه خلال عشرات السنين، بالإضافة إلى تسجيل الموازنة العامة للسعودية عجزاً للمرة الأولى منذ السبعينيات، يعول صناع القرار الاقتصادي على السياحة بصفة عامة لتكون أحد أهم الروافد غير النفطية للاقتصاد الوطني، لا سيما باعتبارها محركاً لعدد من القطاعات الأخرى، مثل المطاعم، والنقل، وخدمات بناء وتشييد المنشآت السياحية، وبيع الهدايا، ومزودي الخدمات.

وبحسب الخبراء في الهيئة العامة للسياحة والآثار السعودية، فإنه من المتوقع أن تسهم السياحة بنسبة 5.4% من إجمالي الناتج المحلي “غير النفطي” خلال العام الجاري 2015، وهي نسبة تسعى المملكة لرفعها إلى 18% في عام 2020، وتستحوذ السياحة الدينية على 95% من هذا القطاع، وهو ما يشير إلى أهميتها الشديدة.

معالم دينية وثقافية

ويوجد في المملكة أكثر من 6300 موقع تراثي وثقافي، منها 500 ذكرت في الشعر العربي القديم، ونحو 400 موقع آخر ورد ذكرها في السيرة النبوية، لكن تظل مكة أكثر المدن جذباً للزوار، تليها المدينة المنورة.

وتحتوي المتاحف السعودية على قطع أثرية عثر عليها في التنقيبات الحديثة، تغطي الفترات الممتدة من العصر الحجري القديم، وفترة العُبَيْد التي تعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وفترة دلمون، ثم فترة الممالك العربية المبكرة، ثم الممالك العربية الوسيطة والمتأخرة، ففترة العهد النبوي، ثم فترة الدولة الأموية والعباسية، والعصر الإسلامي الوسيط والمتأخر، وأخيراً فترة توحيد المملكة العربية السعودية.

وتضم منطقة الحجاز معظم المعالم الإسلامية المعروفة، بدءاً بالمسجد الحرام في مكة المكرمة، حيث تتوسطه الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة.

وتقتصر مناسك الحج والعمرة على المسجد الحرام والمشاعر المقدسة المجاورة في منطقة مكة، وقد اعتاد الحجاج والمعتمرون زيارة الآثار النبوية التي ورد ذكرها في السيرة، مثل غار حراء، وكذلك المسجد النبوي في المدينة ومقبرة البقيع، حيث قبور الصحابة، ومسجد قباء، ومواقع الغزوات الشهيرة مثل أحد وبدر، ومدافن الصحابة في تلك المواقع، وغيرها من المواقع العائدة لحقب تاريخية لاحقة للنبوة.

موسم الحج

ويتوقع أن يصل متوسط زوار الحرمين الشريفين إلى 30 مليوناً بحلول عام 2025، بزيادة قدرها 42%، مقابل 17.5% في عام 2014.

وفي هذا الخصوص، أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة إيلاف السياحية، زياد بن محفوظ، إلى أن “موسم الحج يلعب دوراً جوهرياً في السياحة الدينية. كما شهدنا تدفقاً كبيراً للحجاج في السنوات الأخيرة، إذ وصل عددهم إلى أكثر من مليوني حاج في عام 2013، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 5 ملايين حاج بحلول عام 2025”.

وأوضح بن محفوظ، في تصريحات لصحيفة الرياض السعودية، أن “نسبة الإشغال لدى مجموعة إيلاف وصلت خلال موسم الحج الماضي في مكة المكرمة إلى 95%، وسجلت إيرادات الغرف المتوافرة لدينا أرقامًا أعلى من الفنادق العالمية”.

وأصبحت الشقق المفروشة تشكل البديل الأبرز لزوار الحرمين الشريفين، إلا أنه لا تزال الفنادق هي وجهة الإقامة السائدة لهؤلاء الزوار، علماً أن مكة المكرمة تحظى بنسبة 96% من زوار المملكة.

وتخطط السعودية لجذب 1.5 مليون سائح من غير الحجاج بحلول عام 2020، مقارنة بـ200 ألف في الوقت الراهن.

فرص عمل

وعلى صعيد فرص العمل، أوضح تقرير صادر عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن معدل نمو فرص العمل في القطاع السياحي بالمملكة بين الفترة 2010-2020، يقدر بـ10% سنوياً، مقارنة بمعدلات النمو العالمي لنفس الفترة، التي قدرت بـ2.5% سنوياً.

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تبلغ فرص العمل في قطاع السياحة بالمملكة 1.7 مليون وظيفة في عام 2020، وهو يمثل ما يمكن أن يصل إليه إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل، لقطاع السياحة والقطاعات الأخرى المترابطة والمستفيدة من السياحة.

وبناء على الدراسات التي تجريها الهيئة العامة للسياحة والآثار، فإن فرص العمل مرشحة للوصول إلى هذا الرقم في حال توفر الدعم وإمكانيات للتوسع في الاستثمارات السياحية، عبر إقرار الأنظمة وبرامج التمويل السياحي، حيث ستكون هذه الوظائف نتيجة للنمو المتوقع للسياحة والقطاعات المرتبطة بها.

وبلغت فرص العمل السياحية العام الماضي وحده أكثر من 751 ألف وظيفة، ويمثل السعوديون حالياً ما نسبته 27.1% من إجمالي عدد العاملين في القطاع السياحي، حيث تمثل السياحة القطاع الاقتصادي الثاني في المملكة، بعد قطاع المصارف من حيث نسبة “السعودة”، وهو ما استدعى رعاية أكبر من السلطات لتحقيق هدف “السعودة” على أوسع نطاق.

زر الذهاب إلى الأعلى