نون والقلم

الرهان الخاسر

نُطمئن الذين يراهنون على الرئيس الاميركي ترامب، ويضعون كل بيضاتهم في السلة الاميركية، وخاصة بشأن حل الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني حلا عادلا، وفقا للقرارات الدولية، بما يضمن انسحاب العدو من الارض المحتلة عام 67، بما فيها القدس الشرقية، واقامة الدولة الفلسطينية بحدود 4 حزيران، وعودة اللاجئين  الى وطنهم بموجب القرار الاممي 194 … نطمئنهم، ونعني هنا القيادة الفلسطينية، بأن هذا – مع الاسف – لن يحدث، ونكرر لن يحدث … فهو من رابع المستحيلات …

فأميركا وعبر تاريخ الصراع الطويل، منحازة وبالمطلق للعدو الصهيوني، وبالتحديد منذ أن تدخل الرئيس ترومان عام 1947، وأجبر العديد من الدول على تغيير قناعتها، والتصويت لصالح قرار التقسيم رقم 181… وحتى مجىء القرصان ترامب لسدة الحكم.

وبوضع النقاط على الحروف … فان اميركا- ترامب ­- التي تؤيد الاستيطان، وتموله،  وهو اعتداء سافر على الشرعية الدولية، وانتقدت قرار مجلس الامن رقم 2334، الذي يدين الاستيطان، ويطالب بوقفه… واميركا التي أشهرت الفيتو لحماية اسرائيل من العقوبات الدولية، لاكثر من خمسين مرة …

وأميركا التي تحرص على تزويد اسرائيل باحدث الأسلحة من طائرات وصواريخ … الى ضخ مليارات الدولارات في شرايين اقتصادها  الطفيلي المرهق … وأميركا التي تعتبر المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني عملا ارهابيا، رغم ان الشرائع والقانون الدولي شرعت هذه المقاومة، واعتبرت مقاومة الاحتلال عملا بطوليا يستحق ارفع الاوسمة «الجنرال ديغول» …

وأميركا هذه التي تساوي بين الضحية والجلاد، وتطلب من الضحية الاعتذار للجلاد، وتقبيل حذاء القاتل … أميركا هذه لن تخرج عن السكة الصهيونية، وسيكرس ترامب هذا كل جهده، وخبرته بالصفقات، وامكانات اميركا الهائلة، مستغلا الاوضاع العربية والفلسطينية البائسة، لتصفية القضية الفلسطينية، ارضاء للمتطرفين الصهاينة، وبما يتوائم مع ميوله وقناعاته الصهيونية.

وبكلام أكثر تحديدا … نسأل …لماذا لم تتدخل أميركا وخلال السبعين عاما، منذ اقامة الكيان الصهيوني، لحل القضية الفلسطينية، واطفاء بؤر التوتر  في الاقليم وفقا للقرارات الدولية ؟؟

لماذا لم تتدخل  لتطبيق قرار التقسيم رقم 181، وهي التي فرضته على الفلسطينين ؟؟ لماذا لم تتدخل وتجبر حليفتها، وصنيعتها اسرائيل على عودة اللاجئين، وفقا للقرار الاممي رقم 194، وهي التي تعلم أن بقاء اللاجئين، يعني بقاء فتيل القضية مشتعلا، ويعني أيضا، التهديد بانفجار أو انفجارات قادمة تهز المنطقة والسلم العالمي؟؟

أميركا لو كانت منصفة، وتحترم حقوق الانسان، كما تدعي لأجبرت حليفتها، وربيبتها على تطبيق القرار 242 والانسحاب من الاراضي المحتلة، والسماح للشعب الفلسطيني بممارسة حقه في تقرير المصير …

واميركا لو كانت صادقة فيما تدعي … لاجبرت اسرائيل على رفع الحصار الظالم واللانساني عن قطاع غزة، والذي حول حياة مليوني فلسطيني الى جحيم …

سياسة أميركا، أو لنقل استراتجيتها تقوم على ادارة الازمة الفلسطينية، وليس على حلها، لأن ذلك في تصورها يخدم مصالحها ويخدم استراتجيتها، ويبقى المنطقة كلها ملتهبة، ويبقى الاطراف كلها تلهث، وبحاجة للدور الاميركي … بحاجة للاطفائي الاميركي  لاخماد النيران.

باختصار …

الرهان على أميركا … رهان خاسر … وعلى القيادة الفلسطيية ان تقلع عن الاوهام … فترامب لن يغير من  جلده، ولن يستبدل دمه  … وعلى هذه القيادة ان ترجع الى شعبها … وان لا تستمر في ادارة ظهرها لهذا الشعب العظيم … فهو صانع اعظم واكبر الثورات والانتفاضات … وهو القادر على تحقيق الانتصار وكنس الاحتلال … المجد والجنة للشهداء الابرار.

نقلا عن صحيفة الدستور الأردني

زر الذهاب إلى الأعلى