في ظل تداول وفاة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من وقت لآخر تأتي التساؤلات عن السيناريوهات السياسية لمستقبل الجزائر فى حالة اختفاء شبح بوتفليقة الذي لم يترك الجزائر حتي الآن.
شهدت الجزائر خلال شهر نوفمبر الماضي، أحاديث كثيرة حول الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، بعد غيابه عن الواجهة لأيام استدعت بث التلفزيون الرسمي صورًا له وهو يستقبل رئيس الوزراء المالطي موسكات، يوم 19 من الشهر نفسه، ليصرح بعدها رئيس الوزراء عبد المالك سلال أنه “على اتصال يومي معه “بوتفليقة” وهو لم يغادر البلاد كما أن حالته الصحية مستقرة وهو يتابع شؤون البلاد ويعطي تعليماته يوميا.
في العام الماضي أصيب الرئيس الجزائري بجلطة دماغية، جعلته يرقد في مستشفيات باريس لتلقي العلاج لمدة طويلة، وقد تمكن الرئيس بالفعل من تجاوز حالته المرضية الحرجة نسبيًّا، إلا أنه بعد شهور قليلة من هذه الوعكة، اعتقد كثيرون أنه لن يرشح نفسه مجددًا للرئاسة، لكن تفاجئ الجميع بترشحه لولاية رابعة، وفاز بنسبة 81% من الأصوات.
منذ فوزه تعيش البلاد حالة انقسام حادة بين المعارضة، التي تطالب بتطبيق مادة دستورية (المادة 88) تتحدث عن عزل الرئيس بسبب عجزه الصحي وتنظيم انتخابات مبكرة، بينما يقول أنصاره إن بوتفليقة يمارس مهامه بصفة عادية، وسيكمل ولايته الرئاسية حتى 2019، كما يعتبرونه “صمام الأمان في البلاد، وسط وضع إقليمي ودولي متقلب”.
وسائل إعلام محلية قالت إن هناك عدة سيناريوهات وضعها النظام الحاكم للتعامل مع المرحلة القادمة بما فيها الموت المفاجئ للرئيس، ولطالما كان الكل يعتقد أن الجيش والمخابرات هما من لهما اليد فى تداول الأنباء المؤكدة على قدرة الرئيس بوتفليقة على الحكم بعد مرضه الشديد، وأن هذان الجهازان هما المحركان الأساسيان لسياسة البلاد من وراء الستار، لكن ما وقع مؤخرًا من إقالات للقيادات مخابرات لها سلطة واسعة ضربت كل تلك الاعتقادات عرض الحائط ، واثارت الكثير من الجدل.
ويرى محللون أن هذه التغيرات كانت تصفية حسابات تصفية جناح الجنرال توفيق الذي كان قد عارض ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة ، أما بالنسبة لآخرين فيمثل ذلك حلقة من حلقات تحضير وافد جديد إلى الحكم، قد يكون من مقربي الرئيس، وبالأخص مستشاره وشقيقه عبد العزيز بوتفليقة.
من أبرز الأسماء المرشحة لحكم الجزائر مستقبلأً، وتعتبر قريبة من مؤسستي الجيش والمخابرات عبد الملك سلال رئيس الوزراء الجزائري والطيب بلعيز وزير الداخلية، وأحمد أويحيى رئيس الحكومة السابق، وهناك أيضًا من يرشح علي بنفليس وأحمد بن أبيتور وهما كذلك رئيسا الحكومة سابقًا، واللذان انضما إلى تكتل المعارضة السياسية.
البعض طرح قضية توريث الحكم لسعيد بوتفليقة، الأخ الأصغر للرئيس والذي يعد الآن النائب الفعلي في حكم البلاد عن أخيه المريض، غير أن هذا الاختيار سيكون صعبًا، فالشعوب العربية التي ثارت قبل سنوات كان توريث الحكم أحد أسباب اشتعالها.
في الوقت نفسه هناك حديث عن احتمالية ترشيح شخصيات من المؤسسة العسكرية والأمنية، مثل عبد الغني الهامل مدير الشرطة، إلا أنه بعيد المنال وأمر مستبعد نسبيًا على خلفية إنه سيعطي انطباعًا واضحًا للرأي العام الوطني والدولي بترسيخ الحكم العسكري بالجزائر.
وهناك اتجاه أخر تطالب به المعارضة الجزائرية، ، وذلك بتفعيل المادة 88 من الدستور الجزائري، والتي تنص على أنه في حالة مرض الرئيس بشكل مزمن أو عجزه عن أداء مهامه الدستورية يتولى رئيس مجلس الأمة منصب رئيس الجمهورية بالنيابة لمدة لا تزيد عن ستين يومًا تنظم فيها انتخابات رئاسية مباشرة.
سيناريو آخر يتمثل في ترتيب مرحلة انتقالية تقودها حكومة متوافق عليها من كل القوى الفاعلة بما فيها الجيش والاستخبارات، تدير شئون البلاد وتنظم انتخابات برلمانية ورئاسية وفق برنامج زمنيدون وضع دستور جديد.
وفي حالة تم هذا الأمر فغالبًا سيكون علي بن فليس المرشح الأبرز، نظرًا لعلاقته التوافقية مع كل الأطراف ، أما سيناريو إمكانية اندلاع ثورة بالجزائر، فهو أمر مستبعد، كما أن حساسية الوضع الراهن في الجزائر قد تؤثر عليها اقتصاديًا وسياسيًا إذا حدثت اي تغيرات غير تقليدية.
