اخترنا لكنون والقلم

الأبرياء يهجرون من أرضهم

خلف سحب الدخان وأزيز الطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة ترتكب جرائم ضد البشرية في سوريا، ولم يكن الغاز الكيماوي وحده المتهم بقتل الإنسانية هناك، صحيح أن قرابة المئة شخص قتلوا تحت سمع وبصر العالم نتيجة السموم في «خان شيخون»، لكن الآلاف يقتلون يومياً رغم أنهم أحياء، فالأجندة الإيرانية المذهبية مازالت تنفذ خطوة تلو الأخرى، حتى يكتمل الفرز المخطط له لتلتقي أرض لبنان المحصورة في يد حزب الله بأرض سوريا المطرود منها كل من هو ليس من أتباع الولي الفقيه، وتتواصلان بأرض العراق حيث حشد المالكي.

يوم أول من أمس كان أهالي ريف إدلب وحلب يذرفون دمعاً يحرق القلوب، وهم يغادرون بلداتهم مجبرين، بعد اتفاق تبادل السكان بين حزب الله الإيراني وجبهة «النصرة» الإخوانية، هؤلاء يحاصرون «الشيعة» في «كفريا» و«الفوعة»، وأولئك يحاصرون السنة في ريف إدلب، ومن خلال وساطات لوكلاء الإخوان والطائفة الشيعية قرر المسلحون من الطرفين تنفيذ الفرز الطائفي عبر التهجير القسري للعائلات بأطفالها ومسنيها ونسائها وأتباع الحزب والجبهة، أصبح الانتماء لمذهب جريمة تستحق تحويل المواطنين الآمنين في أرضهم وأرض أجدادهم إلى لاجئين، انتزعت حقولهم وبيوتهم وممتلكاتهم ليعيشوا في خيام بأرض غريبة عليهم، إنهم تلاميذ نجباء لعصابات صهيونية مارست الفعل نفسه في أرض فلسطين قبل أكثر من 70 عاماً، والفرق أن الفئتين المجرمتين في سوريا مسلمتان، كل واحدة منهما تحمل لواء الدين، وتدعي أنها تعمل على رفعته وعزته، ولا تتردد في الادعاء أنها حامية الإسلام والمسلمين، ولا تجد غير المسلمين وقوداً لنار أطماعها التي تحولت إلى حروب.

إنهم يقتلون الإنسانية في سوريا، كلهم، كل الذين يتقاتلون هناك، الذين يدعون الإسلام يسفكون دماء المسلمين، والذين يتفاخرون بالعروبة يذبحون الذين ينطقون بالضاد، والأغراب يعيثون فساداً في أرض سوريا الرحبة، وهناك من يصفق لهم لأنهم استخدموا «الفيتو» ضد إدانة من قتلوا الأطفال بالكيماوي في جريمة تضاف إلى كل الجرائم، صاحب «الفيتو» يجرم في حق سوريا وشعبها، وصاحب «العمامة» يجرم في حق سوريا وشعبها، وحامل الراية السوداء أجرم ومازال يجرم في حق سوريا وشعبها، وإن كان هؤلاء يختلفون مع بعضهم بعضاً، فإنهم يتفقون على شيء واحد، وهو أنهم يتشاركون في تمزيق سوريا وقتل شعبها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى