إيهاب زغلول يكتب: عروس البحر
سار حائرًا ما بين يومه وأمسه.. انتابه شعورًا غريبًا لا يعلم من أين ومتى أتى.. أربكت تفاصيل حياته.. تسائل بين نفسه لماذا أصبحت أسيرًا على هذا النحو!!
لا أستطيع أن أكون غير ذاتي حرًا طليقًا.. فأنا مثل الطائر لا أعيش بدون أجنحة ترفرف في السماء.. لم يستطع يومًا أي سجان أن يضع أغلاله في يدي أو يدخلني أقفاصه الحديدية.. فيا قلب ما كل هذا العذاب؟ لماذا تقودني إلى هذه الدوامة السحيقة.. لست ربان ماهر فقد تصرعني الأمواج في أي وقت!!
قال محدث نفسه.. شراعي ليس قويًا بالقدر الكافي ومركب النجاة الذي امتطي اياه في مهب العواصف تتلاعب به الأمواج من كل جانب.. رغم أنني كنت أعلم أقراني فنون السباحة في بحر المشاعر.. لكن دائمًا ما يقع « الشاطر».. ماذا عليا أن أفعل وقد وقعت في بحر هائج أشبه بمثلث برمودا الشيطاني.
ادخل في دوائر ودوامات تقودني تارة إلى أسفل وتارة إلى أعلى هل أصبحت قيد النهاية من يخرجني من هذا البحر الثائر.. لا أجد في الأفق شيئا من نجاة.. وسط عذابتي وجدت شيئًا يشق مياه البحر الهائج.. شيئا بديعًا يخرج أحسست أنها «جنية» التي حدثونا عنها ونحن صغار.. لكن بدت ملامحها الدقيقة تظهر شيئًا فشيئًا.. شعرها الطويل الممتد حتى خصرها تضرب بذيلها الطويل فتشق البحر تقفز في الهواء عن ميمنة وميسرة.. شعرت بالألف احيانًا لوجودها.. وبالارتياب أحيانا أخرى فلا علم لي بما يدور في رأسها.. فلست خبيرًا بجنيات البحر.
نظراتها لي كانت غربية عيناها الدقيقة بها أشياء وأشياء.. لكن كيف لي أن أتُرجم مشاعرها فعالم جنايات البحور غامض مخيف لم يكن أمامي مخرج من تلك العذابات سواها فالمجهول يحيطني من كل مكان.. لم أشعر بنفسي وأنا بين يديها تجذبني بقوة من الدوامة التي قذفتني فيها الرياح العاصفة وموج البحر الهائج.. اخذتني لعالمها الغريب تلاعبت بي تراقصت بي وسط قيعان البحور.. وشعاب المرجان ذات الألوان الزاهية.. كانت تدفعني هنا وهناك.
مر الوقت سريعًا ومع مرور الوقت انتابني احساس بالرهبة من هذا العالم الغريب.. انه ليس عالمنا لسنا برمائيات… شعرت بالملل رويدًا.. رويدًا.. اشتقت أن أخرج إلى حيث النور.. لكنها رفضت فليس لي من أمر.. أنا مجرد أسير.. هي وحدها من تصنع القرار.. رفضت بقوة.. فأنا متمرد بطبعي قراري من أعماق نفسي.. أرفض أن اتلقى أوامر من الآخرين.. وعندها انطلق شرار أحمر من بين عينيها ظهرت على هيئة «عفريت» جذبتني بقوة الجان وجدت مخالب ايديها تلتف حول عنقي ما أبشعها وهي تكتم أنفاسي.. كادت أن تزهق روحي.. لكن أدركتني عناية السماء.. صوت أذان الفجر ينطلق من حولي.. هربت بعيدًا عني عندما سمعته.. فجأة صحوت من ثبات نومي.. يا له من كابوس مؤلم.. لم تكن عروس بحر.. بل شيطان في صورة أنثى.. توضئت لأصلي الفجر حتى هدأت نفسي من روع ما رأيت… وعندها توقف حديث النفس ورفض أن يعود للنوم من جديد!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوكو تويترلمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية