أصوات استثنائية وشعراء متميزون في الحلقة التسجيلية الأولى من برنامج المنكوس
نون: أبوظبي
انطلق برنامج «المنكوس» في موسمه الأول في حلقته التسجيلية الأولى التي تم تسجيل مجرياتها على مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، وتم بثّها على قناتي “الإمارات” و”بينونة”، أمس الأحد الموافق 20 يناير 2019، في تمام الساعة العاشرة ليلاً، والتي تليها الحلقة التسجيلية الثانية يوم الأحد الموافق 27 يناير2019.
واشتملت الحلقة التسجيلية الأولى التي حفلت بالتنافس وحملت أحلام وآمال المشاركين بالوصول إلى اللقب الأول، على مقابلاتِ لجنة التحكيم مع عشرين متسابقاً ضمن البرنامج، من دول الخليج العربية واليمن، إضافةً إلى الاختبارات الأخرى التي خاضها المتنافسون والمواقف التي مروا بها مع بداية رحلتهم ضمن البرنامج الشعري الأول من نوعه في فن المنكوس من الموروث الشعبي الشعري العريق.
كما عكست الحلقة رؤية برنامج «فن المنكوس»، ضمن توجهات لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وأهدافها وحرصها المستمر على التعريف بالموروث الشعبي، وتعزيز دوره في بناء الهُوية الوطنية، من خلال إبراز فن المنكوس، بصفته واحدًا من الفنون الإماراتية التراثية لغناء الشعر النبطي.
وتميزت الحلقة التسجيلية الأولى بمشاهدها التي صوّرت الطبيعة المحلية وخاصةً في الصحراء الموطن الأول لشعراء الإمارات والخليج، ومصدر إلهامهم وساحة شجنهم الذي عدّهُ النقاد الدارسون والباحثون أبرز أسباب إنشاد فن المنكوس لارتباطه بالمشاعر الجياشة لدى الإنسان من حزن وهم،
وبعد الفقرة التعريفية بأعضاء لجنة التحكيم الناقد والأكاديمي الدكتور حمود جلوي، عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بكلية التربية الأساسية، من الكويت، والذي ناب عنه في مقابلة المتسابقين الأستاذ إبراهيم الخالدي، والشاعر محمد بن مشيط المري من الإمارات، والشاعر والمنشد شايع فارس العيافي من المملكة العربية السعودية، كان استعراض آراء أعضاء اللجنة في خوضهم هذه التجربة التراثية الإبداعية المتميزة، حيث استعرضوا الإرث الشعبي في فن المنكوس، وكونه فناً يعكس معاناة البدو في التنقل والترحال، ويترجم مشاعرهم وينطق بلسانهم، وأنه ليس بحراً شعرياً، وإن ارتبط بإيقاعات بحر الطويل من الشعر العربي الفصيح، مشيرين إلى إدراكهم المسؤولية الكبيرة التي يحملونها على عاتقهم بأمانة كأعضاء لجنة تحكيم وأن هذا الأمر يمثّلُ تشريفاً وتكليفاً في الوقت نفسه، معتبرين أن البرنامج هو برنامج صوتيٌّ بامتياز وليس شعرياً كما يظن البعض، حيث يكون التركيز فيه على قوة الصوت وبراعة الأداء وطول النفس، ومخارج الحروف، حيث ختم الدكتور حمود جلوي آراء أعضاء اللجنة بقوله: «بيّض الله وجه الإمارات لأنها أعادت تعريفنا بالمنكوس».
جاء المتسابق الأول بخيت محمد سالم المهري من الإمارات، وقد أجازته اللجنة معتبرةً أنّه متمكّنٌ ولكنه يحتاج إلى التركيز في الأداء ومخارج الحروف، ومعرفة أكبر عدد ممكن من ألحان المنكوس، أما المتسابق الثاني محمد عبد الرحمن الدوسري من المملكة العربية السعودية فقد أجازته اللجنة بقول المري إن صوته طيب وأداءه كذلك، بينما اعتبر الخالدي أن خامة صوته ممتازة وإن كان النفس يذهب أحياناً ويضعف، مع إشادة شايع العيافي بصوت المتسابق.
ولم يحالف الحظ المتسابق الثالث رائد عبيد الحربي من السعودية الذي لم تجزه اللجنة معتبرةً أن لا صوت ولا لحن ولا أداء لديه، بينما حلّ المتسابق الرابع حسين آل لبيد من السعودية متمكناً قوياً أمام لجنة التحكيم التي أشادت مجتمعةً بصوته وأدائه، حيث قال العيافي بعد أن اعترض على أن ما أداه المتسابق من المسحوب وليس المنكوس، فأسمعه المتسابق أداءً آخر لفن المنكوس، أشاد العيافي بعدها بقدراته ومكانته في الساحة الشعرية في الخليج، بينما اعتبر المري إن صوته طيب ورائع وهو من الأصوات التي نراهن عليها وإن كان اللحن الأول الذي أداه هو من المسحوب، أما المتسابق الخامس بخيت عبد الله المرر من الإمارات فقد أشاد به أعضاء اللجنة مجتمعين طالبين أن يستزيدهم من إنشاده مع عزفه على الربابة، حيث قال المري له: “أطربتنا وأمتعتنا وأنت خير من يمثّلنا”، وقال العيافي “الكلام صعب فيك، أنت من أهل الفن الذين يجيدونه، والربابة متوازية مع المنكوس بالصوت والعزف”.
واستطاع المتسابق السادس الوليد عبد الله اليامي من السعودية أن يحوز فرصةً استثنائية من لجنة تحكيم البرنامج، حيث فتحوا له باب الإجازة رغم نيله صوتاً واحداً فقط، وبعد الاستماع مجدداً إليه في أدائه المنكوس، قال المري «تفاجأنا بعد استماعنا وإن شاء الله نراك مجدداً في البرنامج»، واعتبر الخالدي أن المتسابق اختلف بأدائه تماماً، قائلاً: «لو كنا نعلم أن الثلاثة أمتار التي قطعتها بعد الباب إلينا تقلب الصوت تماماً، كنا مشيناها».
أما المتسابق السابع عمر سعيد دايش من السعودية فرفضته اللجنة ولكنها فتحت الباب لتقابله، بينما كان بخيت ناصر الدوسري من السعودية أيضاً، ممتلكاً قدرات الإنشاد التي نالت إعجاب أعضاء اللجنة مجتمعين، وأشادتهم بقوة الصوت، وحلّ المتسابق التاسع خليفة عمر بخيت المنصوري من الإمارات، حاملاً رسالة قيمية عالية، من خلال تدريبه ابنيه على أداء المنكوس كفن تراثي عريق، وتعليمهم ألحانه وإيقاعاته، معتبراً أن الجيل الجديد لديه الاستعداد لحفظ الشعر وأداء المنكوس، الأمر الذي لاقى استحسان أعضاء اللجنة بعد استماعهم إليه، حيث قال العيافي ناصحاً “يجب أن يكون حضورك حضور الواثق غير المتردد، عليكَ أن تترك كل المؤثرات الأخرى خارجاً”، أما المري فقال: «صح صوتك، أداؤك طيب وعندي يقين أن عندك صوتاً أحمل مما أسمعتنا»، بينما نصحه الخالدي بالتمرين على النفس أكثر.
وكان المتسابق يوسف مبارك الذروة من الكويت الذي أشاد بفضل أبوظبي عاصمة الثقافة والإعلام على الشعر الفصيح والنبطي، وصولاً إلى فن المنكوس، مجازاً بإجماع اللجنة، حيث رأى أعضاؤها أن خامة صوته ممتازة وأداءه كذلك، متمنين له الوصول إلى المراحل النهائية في البرنامج. وفيما رفضت اللجنة حمد محمد العازمي من الكويت، ومبارك هادي القادري من اليمن، أجازت هادي بن جابر المري من السعودية.
واشتملت الحلقة على مداخلات أعضاء لجنة التحكيم ومداولاتهم حول شروط أداء الصوت في المنكوس، مقرونةً بإنشاد شايع العيافي لها، وكانت مفاجأة الحلقة مثول الفنانة الإماراتية زهرة العين أمام اللجنة بعدما حاولت تغيير صوتها لإخفاء هويتها عنهم خلف الباب، معتبرةً أنّ البرنامج يبرز التراث الأصيل والجميل، وهي المعروفة في ساحة الشعر الشعبي حيث قال عنها العيافي: «صوتك سفير مفوّض ولا يحتاج كلاماً»، بينما لم يسمح لها المري بالخروج قبل أن تُؤدي صوتاً من التراث الإماراتي.
أما المتسابق طلال عايش المطيري من السعودية، فغلبه الارتباك بدايةً، إلا أنه نال رضا اللجنة التي أجمعت على أن صوته ممتاز وأداءه طيب وثقته بنفسه عالية، مع ضرورة استماعه إلى النصائح التي تطوّر أداءه، بينما كانت مقابلة اللجنة مع المتسابق صالح الزهيري من السعودية إشادةً بمنجزه في الساحة الشعرية وتصفيقاً لأدائه المنكوس، مع الاتفاق على أنه من الأصوات المشهود لها بالصوت الجميل والخامة المتميزة والأداء الأكثر من رائع، كما عاد العيافي للتأكيد على أن الشخص المتمكن يبحث عن كلمة مؤثرة فإذا اجتمع حسنُ الأداء وجمال الصوت والمفردة الشعرية الجميلة كان الإبداع في فن المنكوس.
كما ارتبك العديد من المتسابقين وتهيّبوا من الوقوف في انتظار قرار لجنة التحكيم أثناء الإنشاد، فكان أن أعطتهم اللجنة فرصة إعادة الإنشاد أمامها بعد فتح الباب، ومنهم المتسابق مشاري علي سالم المري من الكويت، حيث قال العيافي له: «أداؤك في اللحن الثاني أفضل من الأول فقد أديته باقتدار»، وقال المري: «أنت متمكن وخامة صوتك جيدة جدا»، وتابع الخالدي: «أبدعت بصوتك الجميل».
كما قابلت اللجنة المتسابق سالم بن كدح الراشدي من الإمارات، من نجوم شاعر المليون، الذي أجازته بإجماع أعضائها الثلاثة الذين اتفقوا على أنه أبدع وأمتع وأطرب، بينما رفضت اللجنة سلطان آل دغمان من السعودية لافتقاره مقومات المنافسة في البرنامج، وإخلاله بشرط النفس الواحد في المنكوس، وتفردت الحلقة بتقرير أبرز علاقة المنكوس بحياة الإماراتيين من خلال ثلاثة شبان اعتادوا على سماع المنكوس من الآباء والأجداد وترديده وصولاً إلى المشاركة في البرنامج والمنافسة على الوصول إلى اللقب، حيث أجازت اللجنة المتسابق نهيان مبارك طالب المنصوري وراكان عايض طالب المنصوري مع إشادتها بإبداع الصوت وجماله وقوته، ونصيحة كل من المتسابقين بالثقة بالنفس وقوة الأداء والتمكن من الإنشاد، وحُسن اختيار الأبيات، وتجنب الإرهاق.
وختاماً، أجمع أعضاء لجنة التحكيم على الاستمتاع والرضا عن محصول المقابلات وحصاد اليوم الأول مع العدد الأكبر من الشعراء المجازين في إطار تحقيق أمانة إحياء هذا الموروث الشعبي والاحتفاء به في عاصمة الثقافة والتراث والفنون، ووجهة الإبداع والمبدعين أبوظبي.
ويجدر بالذكر أن المشاركين في البرنامج يخوضون غمار هذه المسابقة التراثية عبر مراحل عدة بدءًا من مرحلة تجارب الأداء، وصولًا إلى الحلقات المباشرة، وتختتم بفوز مشاركٍ واحد، ليكون بطل الموسم في أداء لحن المنكوس، حيث يهدف برنامج «فن المنكوس» إلى إعادة إحياء فن المنكوس الأصيل، ومد جسور التواصل بين الجيل القديم، وجيل الشباب بتعريفهم بالمنكوس، وألحانه، وفنون أدائه، وأبرز رموزه محليًا و خليجيًا، والحفاظ على الموروث الثقافي، وتسجيله منصةً ثقافية ثابتة ينطلق نحو العالمية من خلال التعريف بهذا الفن التراثي، وأساليب أدائه، وأبرز وجوه هذا الفن الخليجي الأصيل، وإنجاز أكبر قدر ممكن من التواصل مع الجماهير الخليجية، كون المنكوس، وفنون أدائه من الفنون الشعرية والتراثية التي تجمع كل أبناء الخليج، كما يهدف إلى إطلاق برنامج يحظى بجماهيرية واسعة خلال جميع مواسمه، وذلك لتميُز عدد من الشعراء الإماراتيين والخليجين بكتابته، وفي مقدمتهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه »، فضلاً عن التوافق مـع هـدف البرنامج في الحفاظ علـى التراث الإماراتـي، وتوريثه للأجيـال القادمة، إذ عرف عدد من الإماراتيين بهذا الفن، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب) «رحمها الله»، و الشاعر أحمد بن علي الكندي، وغيرهم، وقد اعتمدت الألحـان الإمارتية الخمسة في المسابقة، وستوزع علـى مراحل البرنامج الخمس.